الخسائر بسبب المنافسة الشرسة في الأسواق الحرة وتأخر مشروع غاسي الطويل سجلت صادرات الغاز الجزائرية تراجعا حادا سنة 2009 إلى 54.5 مليار م3، نتيجة المنافسة الشرسة المفروضة على الغاز الجزائري في أسواقه التقليدية وكذا تأخر عدة مشاريع غازية كان يتوقع دخولها الخدمة خلال نفس السنة، وهو ما سيجعل من هدف وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية بلوغ 85 مليار م3 سنة 2012 حلما مستحيل المنال . * وبلغت نسبة تراجع حجم الصادرات الجزائرية من الغاز الطبيعي 15 % بالمقارنة مع الأهداف المسطرة للتصدير لسنة 2009، وهي أعلى نسبة تراجع لصادرات مجموعة "سوناطراك" بالمقارنة مع الأهداف المسطرة خلال 20 سنة الماضية، بالنظر إلى وتيرة التصدير السنوية التي تتراوح بين 63 و64 مليار م3 من الغاز الطبيعي منذ سنة 2005، في حين كانت مجموعة "سوناطراك" تهدف لبلوغ مستوى صادرات من الغاز الطبيعي في حدود 65 مليار م3 سنة 2009، مع دخول حقول جديدة الإنتاج بداية من نفس العام. ومعروف أن صادرات الغاز الطبيعي الجزائرية تمثل نصف مداخيل البلاد من صادرات المحروقات سنويا، فيما يمثل النصف الآخر تصدير 1.45 مليون برميل من النفط الخام يوميا. ويعني هذا التراجع خسارة الجزائر لحوالي 3.2 مليار دولار (ما يعادل 23 مليار سنتيم)، كانت ستجنيها في الظروف العادية. * * وأرجعت مجموعة "سوناطراك" السبب الرئيسي لتراجع صادراتها إلى قرار زبائنها الأوروبيين تخفيض الكميات المستوردة سنة 2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت سلبا على استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى انهيار أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الحرة مما دفع بزبائن الجزائر الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي إلى التوجه إلى هذه الأسواق للتزود بالغاز الطبيعي بأسعار منخفضة جدا قدرت ب4 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، وهي نصف قيمة سعر الغاز المستورد من الجزائر بناء على الأسعار المحددة في العقود الطويلة المبرمة بين الجزائر وزبائنها الأساسيين في الاتحاد الأوروبي والتي تتراوح بين 7 و10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية . * * وتتضمن العقود الطويلة المبرمة بين الجزائر وزبائنها الرئيسيين وهم إسبانيا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال وبلجيكا وتركيا، بنودا تحدد سقف أدنى وسقف أعلى للكميات السنوية التي يمكن الحصول عليها بموجب العقود الطويلة، وهو ما سمح لزبائن الجزائر باللجوء إلى أخذ الكميات الدنيا التي ينص عليها العقد ودفع مقابلها بسعر التعاقد، واللجوء إلى الأسواق الحرة لسد أي عجز محتمل في التزود بالغاز الطبيعي أو الغاز الطبيعي المسال بسعر السوق، أي ب4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية طيلة السداسي الثاني من العام الماضي، واقتصاد 3 إلى 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية . * * وقدرت الكميات التي تخلى عنها زبائن الجزائر التقليديين بموجب البنود التعاقدية بحوالي 40 % بالمقارنة مع السنوات العادية، وإلى جانب ذلك لم تنساق الجزائر وراء البلدان التي لجأت إلى تعويض تراجع مداخيلها بتوجيه كميات كبيرة نحو الأسواق الحرة حتى لا تساهم في المزيد من انحدار الأسعار، وتتوقع الأسواق استمرار تراجع الطلب بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف باقتصاد اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وايرلندا والتي ستؤثر أيضا على اقتصاد فرنسا وبريطانيا . * * وأوضحت شركة "سوناطراك" أن الأزمة الاقتصادية وتراجع أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية، ليسا وحدهما من تسبب في تراجع صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي، بل هناك سبب أساسي آخر وهو التأخر الحاصل في تنفيذ مشروع غاسي الطويل المدمج لإنتاج الغاز الطبيعي، الذي كان مخططا له أن يدخل الخدمة بداية 2009 . بالإضافة إلى توقيف إنتاج الغاز الطبيعي المسال في وحدة تمييع الغاز "لاكاميل" التي تعد أقدم مصنع لتمييع الغاز الطبيعي في العالم والذي دخل الخدمة سنة 1964 . مما يعني أنه لا يمكن للجزائر بلوغ أهدافها المسطرة المتمثلة في تصدير 85 مليار من الغاز الطبيعي والغاز المسال سنة 2012، عن طريق الأنابيب نحو ايطاليا وإسبانيا أو بالناقلات .