كثرت رسالات المجاملة المتبادلة بين الرئيس بوتفليقة ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، غير أن مصير الزيارة الموعودة لسيد قصر الإيليزي نحو الجزائر، لا يزال مجهولا، فقد انقضت الأسابيع والأشهر ولم يحدد موعدها بعد. وجاءت الرسالة الأخيرة التي وجهها الرئيس الفرنسي لنظيره الجزائري، لتؤكد على التطور الذي شهدته العلاقات الثنائية منذ العام 2012، وهي بداية عهدة الرئيس الفرنسي، السابق فرانسوا هولاند، والتزام ماكرون بالسير على هذا النهج، غير أن هذا التوصيف، يبدو فيه الكثير من المبالغة، طالما أن ماكرون الذي مضى على تربعه على قصر الإيليزي، نحو ثلاثة أشهر، لم تطأ قدماه الجزائر كرئيس. وكانت آخر زيارة ل "ماكرون" للجزائر، لكن كمشروع مرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية، في فيفري المنصرم، وقد وعد مباشرة بعد انتخابه بزيارة الجزائر وتحدث عن أسابيع قليلة لتجسيد هذا الوعد، غير أن الزيارة طال أمدها، وحل محلها تبادل رسائل المجاملة. وبعد أن كان ماكرون يتحدث عن أسابيع تفصله عن زيارة الجزائر، ها هو اليوم يتحدث عن أشهر كما جاء في نص الرسالة التي بعث بها للرئيس بوتفليقة وأوردتها وكالة الأنباء الجزائرية: ".. الأشهر المقبلة ستتميز بسلسلة من المواعيد الهامة التي ستسمح بتحضير مشروع الزيارة الرسمية الهامة التي سيسعدني ويشرفني القيام بها للجزائر في الوقت الذي ترونه مناسبا". ويفهم من العبارة الأخيرة، أن ماكرون مستعد لزيارة الجزائر في أي وقت وأنه رهن إشارة من قصر المرادية، ما يعني أن الكرة في مرمى الطرف الجزائري (..مشروع الزيارة الرسمية الهامة التي سيسعدني ويشرفني القيام بها للجزائر في الوقت الذي ترونه مناسبا)، فاستعداد ماكرون للزيارة موجود وواضح من خلال هذه الكلمات، غير أن الإشارة لم يتلقها بعد من الجزائر. وما يعزز هذه القراءة، هو أن وزير الشؤون الخارجية، جون إيف لودريان، كان قد زار الجزائر الشهر قبل المنصرم، وأكد أن من بين أهداف تلك الزيارة، تحضير زيارة ماكرون للجزائر. إذن فلماذا تأخرت هذه الزيارة؟ وهل لذلك علاقة بعدم إعطاء الضوء الأخضر لها من الطرف الجزائري؟ يرى متابعون أن اختيار الرئيس الفرنسي للمغرب كأول محطة له إلى منطقة المغرب العربي بعد انتخابه، تعتبر مؤشرا على امتعاض الطرف الجزائري من ماكرون، الذي حظي بدعم خاص من قبل السلطات الجزائرية خلال حملته الانتخابية، فقد استضيف في الجزائر واستقبل من قبل كبار المسؤولين في الدولة، ولعل التصريح الشهير الذي وصف فيه وزير الشؤون الخارجية السابق، رمطان لعمامرة عشية الانتخابات الفرنسية، إيمانويل ماكرون، بأنه "صديق الجزائر"، أبرز دليل على أن الجزائر اختارت مرشحها وهو ماكرون، غير أن هذا الأخير خذلها بعد فوزه. ويؤكد مراقبون أن حديث ماكرون عن "تطور العلاقات الثنائية"، لا يعكس ما يقوم به على أرض الواقع، فالرؤى متباينة حول العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، مثل الأزمة الليبية، فباريس تحاول الإنفراد بحل هذه الأزمة وفق مصالحها من خلال توفير الدعم للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، غير آبهة بدول الجوار، وقد تكون ممارساتها سببا في تدويل الأزمة، بدخول إيطاليا على الخط، فضلا عن مسؤوليتها في تعقيد الأزمة التي تعاني منها منطقة الساحل.