المهنة إستفادت من التطور التكنولوجي وظروف العمل تحسنت كثيرا المنتخب الوطني لم يجد أحدا في استقباله عند عودته من إسبانيا هو واحد من أعمدة الصحافة الجزائرية، بدأ مسيرته المهنية سنة 1975 مع وكالة الأنباء الجزائرية، عمل في عدة جرائد وطنية وأجنبية، وله بعض المنشورات الرياضية، إنه الصحفي سعيد سلحاني، الذي نعود معه إلى أول مشاركة للمنتخب الوطني لكرة القدم في مونديال إسبانيا سنة 1982، ليحدثنا عن الأجواء التي عايشها في كأس العالم .. كما ينقل لنا علاقات الصداقة التي كانت تربط اللاعبين بالصحافيين . - كنت واحدا من الذين رافقوا المنتخب الوطني في أول مشاركة له في نهائيات كأس العالم التي احتضنتها إسبانيا سنة 1982 .. ألا تعود بنا إلى الأجواء آنذاك؟ نعم، كنت ضمن البعثة الصحفية الجزائرية التي ضمت حوالي 30 صحفيا، والتي تنقلت مع المنتخب الوطني الذي تأهل إلى مونديال إسبانيا سنة 1982، لكن قبل الحديث عن ما جرى في المونديال، أريد أولا العودة إلى التصفيات والمباريات الودية التي لعبتها التشكيلة الوطنية آنذاك . - تفضل .. أتذكر جيدا المباريات التي لعبها المنتخب الوطني في التصفيات، وكان دائما لا يجد أي صعوبة للفوز، خاصة هنا في الجزائر وبنتيجة عريضة، كما لعب المنتخب الوطني 23 مباراة ودية تحضيرية قبل التنقل إلى إسبانيا. والغريب في الأمر أن تأهل المنتخب إلى المونديال لم يحدث نفس الضجة والفرحة التي صنعها الأنصار هذه المرة . بالرغم من الفرحة العارمة التي صاحبت التأهل بطبيعة الحال، ولكنها كانت عادية جدا . - وكيف كانت أجواء التحضيرات داخل المنتخب الوطني . وكيف تصف لنا العلاقات التي كانت تربط اللاعبين بالصحافيين؟ أعتقد أن الأمور تغيّرت جذريا مقارنة بالسابق. أولا تحضيرات المنتخب الوطني لمونديال إسبانيا جرت في ظروف عادية وفي هدوء تام، حيث لم يكن هنالك صحفيون كثيرون لتغطية تربصات الفريق الوطني، الذي تربص أيضا سنة 82 بسويسرا قبل الذهاب إلى إسبانيا. وكانت العلاقات مع الصحفيين سمن على عسل، وحتى خلال المونديال، كانت الأمور عادية جدا، وكان اللاعبون هم أيضا يسألون من جانبهم عن الصحفيين، مما يبين عدم وجود أية مشاكل، أو ضغط بداخل الفريق، بالعكس كانت هناك علاقات صداقة. - وهل كانت الصحافة تنشر بعض الأخبار التي تغضب اللاعبين؟ لا، أبدا، ولكنها كانت مؤثرة في بعض الأحيان وتساهم بشكل إيجابي. وهنا سأحكي لك قصة حقيقية حدثت لي رفقة زميلي إبراهيم حمداني صحفي من جريدة النصر آنذاك. ونحن نتجول في مدينة خيخون الإسبانية، إلتقينا صدفة بصالح عصاد، وهو بالمناسبة أحد أبناء حيّنا في القبة، وجلسنا معا في إحدى المقاهي وخلال دردشتنا معه، كشف لنا عصاد دون أن يدري أن هناك مشكلة وقعت بداخل المنتخب الوطني بسبب المستحقات. وبعدما إفترقنا ذهب زميلي وكتب مقال صحفي حول هذه القضية. والذي نشر في اليوم الموالي وأحدث ضجة عارمة بالجزائر، جعلت السلطات العليا في البلاد آنذاك تتحرك بسرعة لتسوية الإشكال، حيث تم إرسال مبلغ 100 مليون فرنك فرنسي مع عضو من الإتحادية على جناح السرعة إلى المنتخب الوطني من أجل تسوية المسألة . - كيف كنتم تعيشون أجواء المونديال رفقة المنتخب الوطني خاصة بعد الفوز التاريخي على ألمانيا؟ أظن أننا كنا محظوظين وعشنا إحدى أحسن الفترات التي عرفتها كرة القدم الجزائرية، ومثل أي مناصر فرحنا بالإنتصار التاريخي المحقق على حساب ألمانيا . وتقاسمنا ذلك مع اللاعبين أيضا بعد نهاية المباراة . - بالرغم الإنجاز الكبير الذي حققه منتخب 82 إلا أنه لم يحظ بنفس النجومية كمثل التي يعرفها المنتخب الحالي بعد تأهله إلى مونديال جنوب إفريقيا . ما رأيك؟ أظن أن الأمور تغيرت كثيرا بالنسبة، فرغم تأهله إلى كأس العالم، وفوزه التاريخي على ألمانيا وتحقيقه الفوز الثاني على شيلي، إلا أن المنتخب الوطني لم يحظ بأي إستقبال، لا شعبي ولا رسمي عند عودته من إسبانيا. وأتذكر جيدا أن المنتخب الوطني عاد إلى أرض الوطن في صمت، حيث لم يكن في إستقباله في مطار هواري بومدين أي أحد من المسؤولين . - هل من شيء خاص بقيت تتذكره لغاية اليوم؟ في الحقيقة هناك العديد من الأمور بقيت راسخة في ذهني لحد الآن، ولكن لن أنسى الندوة الصحفية التي نشطها المدرب الوطني محي الدين خالف بعد نهاية مباراة ألمانيا والذي قدم صورة رائعة عن الجزائر، حيث كان يرد على أسئلة الصحفيين بثلاث لغات العربية، الفرنسية والإسبانية . وكان ذلك منظر يشرف جميع الجزائريين . - وماذا عن ظروف عمل الصحافيين في تلك الفترة وفي الوقت الراهن؟ من هذا الجانب عرفت الصحافة قفزة نوعية خارقة للعادة. حيث لم يكن الكمبيوتر موجودا، ولا حتى آلة الفاكس، وكنا نبعث مراسلاتنا بواسطة التلكس. أما الصور فيتم إرسالها عن طريق ما يسمى"البيلينو" ويتطلب ذلك ساعة من الزمن لإرسال صورة واحدة فقط. وهذا يعطينا نظرة واضحة عن التطور الكبير الذي عرفته التكنولوجيا، والتي حسنت ظروف عمل الصحفيين بشكل كبير جدا . - في الأخير من خلال تجربتك الطويلة، كيف ترى حظوظ المنتخب الوطني في مونديال جنوب إفريقيا؟ بكل صراحة لست من المتفائلين، وهذا لعدة اعتبارات أهمها الظروف التي مر وما يزال يمر بها المنتخب الوطني، خاصة من ناحية الإصابات التي يشتكي منها أغلبية اللاعبين، من نقص المنافسة والتحضيرات. كما أن مستوى المنتخبات التي تلعب مع الجزائر قوي، فسلوفينيا فازت على روسيا، أمريكا لعبت نهائي كأس القارات، أما أنجلترا فلا داعي للحديث عنها . أعتقد أن تأهل المنتخب الوطني إلى الدور الثاني سيكون صعبا للغاية .