بعد أن أسدلت يوم الأحد ستائر النهار بذهاب الشمس نحو مغربها كان شارع الأمير عبد القادر بمدينة تيارت يستعد لليلة جديدة... فقد أذن آذان المغرب وبدأت معه المدينة تخلو من المارة إلا من القلة القليلة ممن لا زالوا يقتنون حاجياتهم مما بقي مفتوحا من المحلات التجارية. من هؤلاء ثلاثة كانوا في محل جلواط للألبسة والأفرشة، هم أقارب دخلوا محل أحد أفراد العائلة الذي جاء إلى هناك قبل شهرين ليخلف بنشاطه التجاري مقهى أغلق في المكان... الناصر جلواط، ابن ال19 ربيعا كان في المحل كالعادة وأراد بعض أقاربه اقتناء شيء من المحل. ذهب للمجيء به... لقد توجه نحو خلفية المحل، لكنه لم يعد، كان الانفجار عنيفا، لم يعثر الشباب على أنفسهم إلا وقد أصبحوا ضمن الركام والرماد، أصيبوا بحروق في أجزاء من أجسامهم، لكن الناصر تفحم... فالانفجار كان عنيفا أسقط الباب حتى جزء من الجدار، وبنسفه تناثرت الأفرشة في الشارع... ثلاث سيارات بعضها كان يسير والبعض الآخر كان مركونا... سيارة بوجو 207 وسيارة داسيا لوغان تضررتا كثيرا، أما رونو ميغان الحمراء فقد كانت أضرارها محدودة. اشتعال النار في المكان أثار الذعر في الشارع وهب الجيران والمارة وعمال الفندق إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، العائلة المقيمة بجوار المحل مباشرة نجت بأعجوبة، لقد غادر بعض الأفراد المكان قبل الانفجار، ومن بقي من أفراد العائلة لم تصله النار... تحطُّم المبنى كان سريع،ا فأصلا مساكن شارع الأمير عبد القادر مهترئة، أغلب العائلات غادرت ولم يبق إلا التجار. أحد المقيمين في فندق قبالة موقع الانفجار قال أن الشظايا كسرت زجاج غرفته في الطابق الثاني... كان الموقف صعبا! صافرات سيارات الإسعاف والشرطة أخبرت الناس عن الحادث... كان خبر الانفجار يتنقل من مكان إلى مكان بالهاتف قبل أن ينشر مواطنون صورا للحريق واختلط الأمر على الناس، هل هو الفندق، أم المقهى، أم أحد المحلات؟... البعض تصور عند الانفجار أن مطعما صغيرا كان مصدر الحريق... حركة ممنوعة في محيط المنطقة وكل الشوارع مغلقة... المخاوف الأمنية التي تعيشها المدينة منذ التفجير الانتحاري وأحاديث الحصارات للمشبوهين بالمشاركة في الجريمة وحواجز المراقبة المشددة التي تنصب هنا وهناك ساهمت في التفكير في أن ما انفجر هو قنبلة، لكن شهود عيان يؤكدون أنه غاز المدينة المتسرب في المحل وبالتحديد في مخزن في الخلفية... تغيير نشاط المحل من مقهى إلى دكان أقمشة فرض تغيير تركيب شبكة الغاز، لكن حصل ما حصل، فشرارة لإشعال مصباح قلبت المكان... في حي بوهني، حيث يقطن الشاب القتيل والجرحى كانت الأجواء حزينة وقلقة وعمال المستشفى يواجهون ضغوطا من أهالي المصابين والفضوليين. كثير من الناس جاءوا للاستطلاع مما تسبب في متاعب لأعوان أمن المستشفى والشرطة... رغم القتيل والجرحى وتحطم السيارات واحتراق القماش والأفرشة، يحمد الناس الله أن الأمر لا يتعلق بعودة الإرهاب.