تعاني السوق الجزائرية للذهب والمعادن النفيسة مشاكل خطيرة تؤثّر سلبا على الصناعة الوطنية التقليدية للذهب وتهددها بالانقراض وتجميد النشاط، وتتمثل تلك المشاكل في ارتفاع الضريبة على القيمة المضافة والطريقة الجزافية في احتسابها، كما أن نشاط الصياغة يعرف تراجعا رهيبا في الجزائر بسبب ارتفاع سعر الذهب محليا و"البزنسة" التي تطبعه. حيث لجأ كثير من الحرفيين والممارسين للمهنة إلى غلق محلاتهم أو التعامل مع السوق الموازية التي أصبحت تحت سيطرة المهربين لكميات ضخمة من الذهب من عيار لا يتعدى 14 قيراطا على عكس النوعية الجزائرية النفيسة التي تقدر ب 18 قيراطا. وحسب ما أكّده بعض بائعي الذهب ومصنّعيه في حديثهم إلى "الشروق"، فإن المشكل الأساسي يتمثل في عدم وفرة المادة الأوّلية التي يشتريها هؤلاء من المواطنين وبعض المتخصصين في هذا المجال على أساس ذهب مستعمل مكسّر أو ما يعرف ب"الكاسي" وتصنّع في الورشات المحلية، وهو ما يوفر مناصب عمل لا تقل عن 4 مناصب في الورشة الواحدة. عدم وفرة المادة الأوّلية من منابعها الأصلية والرسمية المتمثلة في الوكالة الوطنية للذهب والمعادن الثمينة "آجينور" يضع البائعين والصائغين في ورطة بسبب إشكالية الفوترة التي تطارد هؤلاء من قبل مصالح الرقابة والتجارة وكذا الضرائب، لاسيما وأن تعاملات "أجينور" تقتصر على ما سماه هؤلاء ب"الحوت الكبير" وأصحاب "الأيادي الطويلة"، حيث إنها لا تزودهم بهذه المادة منذ ما يزيد عن 10 سنوات. وأكد أحد الصاغة في ولاية الجزائر أن فرق الرقابة تمر في المدة الأخيرة على محلات الذهب تطالبهم بالفاتورة، رغم أن الأمر من غير الممكن وهم يدركون جيدا عدم امتلاك الأغلبية لها. وأضاف هؤلاء: "حتى ما تعلّق بالضرائب فيطرح إشكال كبير جدا بالنسبة إلينا، في السابق، كنا نقدّم كشفا سنويا بنشاطنا وبناء عليه تحدد قيمة الضرائب الواجب دفعها ليتم إلغاء هذا النظام لاحقا ويعوّض بضريبة جزافية حسب رقم الأعمال المعلن عنه سواء بعنا أم لم نبع وسواء حققنا أرباحا أم لم نحقق، وهذا منذ نحو 3 سنوات". واستطرد هؤلاء: "تطاردنا مصالح الرقابة والجودة وكذا مصالح الضرائب ومختلف الأجهزة الأخرى في حين تغلق في وجهنا كل الأبواب". وحسب ما يؤكده المختصون، فإن السوق الجزائرية تتطلب 15 طنا من الذهب سنويا على الأقل، غير أن القناة الرسمية لا تستطيع توفير أكثر من 5 أطنان سنويا. للإشارة، فقد اهتزت الساحة الوطنية منذ أشهر على وقع فضيحة إثر تقرير تسلمه وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، يتعلق بتورط عدد من مستوردي الذهب الذين حوّلوا أزيد من 8 آلاف مليار سنتيم إلى بنوك أجنبية تحت غطاء استيراد الذهب مصدره الصين وهذا باستعمال سجلات تجارية بأسماء فقراء ومجانين وهو ما كبّد الخزينة العمومية الملايير من الدينارات.