تطرق المخرج الجزائري شريف عقون في فيلمه الوثائقي "روشي نوار" أو الصخرة السوداء خلال مشاركته في بانوراما الفيلم الثوري والوثائقي لمدينة مستغانم إلى مرحلة جد حساسة ومفصلية في تاريخ الحركة الوطنية ونضال الشعب الجزائري لنيل حريته بعد 132 سنة من الاستعمار. حيث يسلط الضوء على مرحلة ثرية بالأحداث والتفاعلات أنتجت ردة فعل تارة عنيفة وتارة أخرى سياسية ودبلوماسية، سواء من الطرف الجزائري أو الفرنسي بكل توجهاته، خاصة أنصار الجزائر فرنسية، وخلال مفاوضات إفيون الشاقة، التي قادها الوفد الجزائري وما تمخض عنها من ترتيبات لتحضير مرحلة الجزائر ما بعد الاستعمار، يظهر دور اللجنة التنفيذية المؤقتة التابعة للحكومة المؤقتة برئاسة محمد بن خدة، التي كان يرأسها المناضل عبد الرحمن فارس، بالأهمية بما كان في تذليل العقبات تقنيا وتقنوقراطيا لتوفير أجواء تحضير الاستفتاء حول تقرير المصير، فضلا عن تحضير مرحلة تسيير المؤسسات السيادية، الإدارية منها والاقتصادية، فخلال مدة 6 أشهر كان يتعين على اللجنة التنفيذية ترتيب ملفات الجزائر المستقلة، حيث كانت اللجنة تضم 12 عضوا منهم تسعة (09) جزائريين من بينهم عبد الرحمن فارس رئيسا، شوقي مصطفى، بلعيد عبدالسلام، امحمد شيخ، عبد الرزاق شنتوف، عبد القادر الحصار، حميدو بومدين، الحاج بيوض ومحمد بوتفتيفا . أما الجانب الفرنسي فكان ممثلا بثلاثة أعضاء (03) وهم روجي روث، جان مانوني وشارل قونينغ، مهمة اللجنة تنحصر في التحضير لانتخابات ديمقراطية ونزيهة وكذا تسليم ممثلي فرنسا المهام إلى الممثلين الجزائريين، حددت مدة عمل هذه اللجنة بستة أشهر، ثلاثة أشهر لتحضير الانتخابات وثلاثة أشهر أخرى لتسليم المهام وتحريك عجلة التنمية وفي كل المجالات أي في غضون 102 يوم، لم تتوقف اللجنة في معالجة هذه الإشكالية وإنما وجدت نفسها كذلك تصارع إشكاليات جديدة كظاهرة الإرهاب التي تفشت تحت مظلة المنظمة العسكرية السرية (OAS)، هذه المنظمة التي وسعت رقعة أعمالها التخريبية فراحت تضرب بكل وحشية كل المنشآت الثقافية والاقتصادية، كما كانت تقتل يوميا بين 50 إلى 60 جزائريا، ناهيك عن تهديد الأوربيين وتخييرهم بين الحقيبة أو الثابوت، إلى جانب هذا كان على لجنة "الروشي نوار" تسيير كذلك أزمة المصاليين الذين بقوا عالقين في الجبال، ورفضوا العودة إلى حضن الأم، عبد الرحمان فارس الذي أدى دوره في الوثائقي الفنان "عزيز بوكروني" من خلال تركيب مشاهد حية عن الشخصية التاريخية كان عليه إدارة كل هذه الإشكاليات في ظرف قياسي، وقد واجه بحكمة وتبصر هذه الأطروحات الخطيرة، فبخصوص المنظمة السرية قابل زعيمهم جان جاك سوزوني سريا وتفاوض معه حول نقطتين، الصحراء وحقوق الأوربيين وهذا وفق ما جاء في اتفاقية إفيان وتمكن بذلك من توقيف هذه الأعمال الإرهابية، إلا أن الحكومة المؤقتة رفضت هذا الطرح واتهمت اللجنة بالخيانة للثورة، وفي سياق هذه الأحداث المضطربة داخل صفوف القادة الثوريين، يقدم المجاهد مصطفاي شوقي، شهادة مزلزلة حول انقلاب قادة الحكومة المؤقتة برئاسة محمد بن خدة وكذا الرئيس أحمد بن بلة من خلال تخوين أعضاء اللجنة التنفيذية .