أطلقت الجزائر جائزة وطنية لأفضل تطبيق الكتروني يخص ألعاب الأطفال والترفيه عنهم وذلك لمواجهة مخاطر الفضاء الأزرق الذي يحصد أرواح البراءة لاسيما "الحوت الأزرق" في غياب برامج ترفيهية آمنة ذات علاقة بالهوية الوطنية. وأعلنت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة غنية الدالية، الأحد، بقاعة ابن زيدون برياض الفتح بالعاصمة، خلال افتتاحها أشغال اليوم الإعلامي حول آليات ترفيه الطفل في المجتمع الجزائري تحت شعار "الترفيه حق للطفل، وحمايته من مخاطر الإنترنت واجبنا جميعا"، عن جائزة وطنية "الفأرة الآمنة" لأفضل التطبيقات الخاصة بألعاب الترفيه الموجهة للأطفال واليافعين لسنة 2018، بأفكار إبداعية جزائرية في إطار الإستراتيجية الوطنية لحماية وترقية الطفولة باعتبار الطفل نقطة ارتكاز لكل الفعل التنموي ومواكبة التطورات الحاصلة في محيطنا وما يترتب عنه من تشعبات في العلاقات وآثار سلبية من خلال تلقي أطفالنا كماّ هائلا من المعلومات والأفكار غير المحسوبة العواقب. وتهدف المبادرة حسب وزيرة القطاع إلى تجسيد العمل القطاعي المشترك، بمساهمة الكفاءات الجزائرية من خريجي الجامعات، المدارس والمعاهد الوطنية والمؤسسات المتخصصة في مجال المعلوماتية، والذي يهدف بدوره إلى حماية الطفل من مخاطر التطبيقات غير الآمنة، وضمان حقه في الترفيه بدون أخطار، وكذا تشجيع الإبداع العلمي والتكنولوجي في مجال الطفولة، وتسليط الضوء على مجالات جديدة واعدة للاستثمار في حقل المعلوماتية بهدف تربوي، وإشراك البحث العلمي والأكاديمي ضمن حركية الفعل الاجتماعي الخاص بحماية وترقية الطفولة. وقد شرّح المختصون والخبراء والوزراء المشاركون في اليوم الإعلامي واقع ترفيه الطفل الجزائري وسبل حمايته في العالم الافتراضي. وقال محمد عيسي وزير الشؤون الدينية والأوقاف، إن قطاعه يعد وسيطا لتبليغ الانشغالات ومرافقة الطفل وبث وعي كاف يجعله في أمان أثناء ممارسته اللعب. وحذر عيسى من مغبة وقوع أطفالنا في دوائر استخباراتية أجنبية أو جماعات إرهابية داعشية أو ديانات وطوائف أخرى، وقال: "ليس صعبا على من أنجز تطبيق الحوت الأزرق أن ينجز تطبيقا إرهابيا داعشيا يخرج الطفل من بيئته ويوقعه بين مخالب لا ترحم". وأعلن عن تخصيص وزارته الندوة الشهرية جانفي المقبل لموضوع حماية الطفل من مخاطر الإنترنت، كما قدمت تعليمات للأئمة لإدراج الموضوع ضمن خطب الجمعة. من جهته، قال وزير الثقافة عز الدن ميهوبي إن خطر الأنترنت فاق كل التوقعات بعد أن بات يهدد حياة الإنسان، ولفت الانتباه إلى أن الإشكالية في الموضوع تكمن في المضامين التي نعمل عليها، حيث أن كل التقارير تفيد أن العرب مجتمعون "400 مليون" لا يحققون إلا 3 بالمائة من مضامين الإنترنت. وأوضح أن كل ما نقوم به هو إعادة تعريب لما هو موجود، متسائلا "أين هم منتجو مضامين الترفيه في بلادنا"؟ واستطرد ميهوبي قائلا: "نتباهى بأن ملايين الجزائريين يدخلون إلى الفايسبوك يوميا، لكننا تناسينا أنهم يستهلكون وجبات إعلامية مسمومة، فالانفجار الإعلامي جعل من الصعب ضبط إيقاعات الفرد على نمط واحد". أمّا وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال إيمان هدى فرعون، فثمّنت مبادرة وزارة التضامن، مؤكدة أنّ الانترنيت اليوم باتت مشكلا يبحث عن حل أساسه سوء الفهم وليس تقنيا، مشيرة إلى أن حجب المواقع الإلكترونية ليس الحل الأفضل لمواجهة المخاطر اليومية للأنترنت بقدر ما هو يعتمد على التوعية، مضيفة: "الحلول التقنية معقدة، لكنها ليست مستحيلة". وتطرح الوزيرة الإشكالية الاجتماعية الخاصة بمدى حق مصالح الأمن والدولة في حماية الطفل، وضرورة رسم حدود المنع في الانترنت بدون التضييق، لأننا في هذه الحالة سنقع في إشكالية حقوق التعبير والجزائر، حسبها، دولة ديمقراطية ولا يمكن أن نغلق الانترنت حفاظا على الحياة، منوهة إلى أن حماية الطفل لا يجب أن تتحول إلى جدل سياسي أو ديني، فالأنترنت لم تكن أبدا وسيلة للترفيه. من جهته، ممثل اليونيسيف في الجزائر أوضح أن ثلث مستعملي الانترنت أطفال تقل أعمارهم عن 18 سنة، وكشف أن تقرير المنظمة يتعلق بالأطفال في العالم الرقمي وكيف تهدد هذه الوسيلة حياتهم، معربا عن التزامه بدعم كل الجهود المبذولة من قبل السلطات الجزائرية والمجتمع المدني في مجال حماية الطفولة. في حين قال رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى" عبد الرحمان عرعار، إن الجزائر تفتقد إلى التربية الرقمية، متسائلا كيف لأب في الستينات أن يتابع ابنه الذي تفوّق عليه إلكترونيا، موضحا أنّ "أطفالنا خلقوا لزمان غير زماننا وعلينا مواكبتهم"، متوقعا أن تتسارع وتيرة التطور التكنولوجي خلال الخمس سنوات المقبلة. وأحال عرعار هروب الأطفال إلى العالم الافتراضي نتيجة المشاكل التي تتخبط فيها الأسر الجزائرية والتراكمات الناتجة عن قضايا الطلاق والعنف والاعتداءات الجنسية التي بلغت حدودا لا تطاق، مؤكدا أنه لو استثمرنا في 50 بالمائة في البرامج البديلة لملء فراغ الطفل لكنا فضل حالا، فالترفيه والتسلية نموذج تربوي ناجح بامتياز.