وجه محافظ بنك الجزائر محمد لوكال، تعليمات لمديري البنوك العمومية، خلال اجتماع مغلق ضم مسؤولي القطاع البنكي والمصرفي، لساعات بمقر بنك الجزائر نهاية الأسبوع، والذي تمحور حول كيفية استرجاع الأموال المتداولة خارج القنوات الرسمية والتي سبق وأن تم تقديرها ب3500 مليار دينار، معترفا بطريقة ضمنية، بفشل الإجراءات المتخذة بداية من سنة 2015 في استرجاع جزء صغير منها، بما في ذلك العفو الجبائي والتصريح الطوعي وحتى القرض السندي، حيث عجزت جميعها عن استرجاع أموال "الشكارة". وأسرّت مصادر حضرت الاجتماع ل"الشروق" أن محافظ بنك الجزائر محمد لوكال كان صارما مع مديري البنوك العمومية الخمسة وطالبها بمزيد من المرونة مع الزبائن، للتمكن من استرجاع مليارات السوق السوداء، عبر العمل على فتح أكبر قدر من الحسابات البنكية الجديدة للجزائريين، وتسهيل عمليتي الإيداع والسحب، دون أية عراقيل بيروقراطية، والابتعاد حتى عن طرح السؤال "من أين لك هذا؟"، وقال لوكال: "يجب على البنوك أن تلعب دورها البنكي والاقتصادي فقط وتكتفي بذلك، وفي حال أية شبهة أو شكوك بتبييض الأموال تكتفي بإبلاغ مصالح الأمن دون محاصرة الزبون بالسؤال من أين لك هذا"، وشدد: "يجب الفصل بين دوري البنوك والأمن، لأن مباشرة مثل هذا النوع من التحقيقات على مستوى البنوك ينفر الزبائن منها ويجعل المواطنين يفضلون اكتناز أموالهم خارج القنوات الرسمية على أن يتقربوا من أية وكالة بنكية". وأضاف محافظ بنك الجزائر أنه يتوجب على الوكالات البنكية توفير السيولة المالية اللازمة للزبائن، وقت طلبها، بمعنى أن المبلغ الذي يطلبه الزبون من حسابه في إطار عملية السحب يجب أن يكون جاهزا في نفس اليوم ولا يتم إرجاء تقديمه ليوم آخر، في حين أن الإيداع يكون بطريقة مرنة ودون الضغط على الزبون، ولا إجباره على تبرير مصدر أمواله ولا دفع رسم 7 بالمائة من قيمة المبلغ المودع وهو الإجراء المعتمد بداية من 2 أوت 2015، والذي تسبب في عزوف الكثير من المواطنين عن البنوك. كما شدد المسؤول الأول عن القطاع المصرفي في الجزائر على ضرورة استغلال الأموال التي دخلت البنوك خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد اعتماد إجراءات طبع النقود المصادق عليها في تعديل قانون القرض والنقد، ويتم حسب لوكال، استغلال هذه المبالغ عبر تمويل كافة المشاريع والاستثمارات الجديدة، حتى لا ترتفع نسبة التضخم في السوق، إذ سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين، وبتعبير آخر اعتبر لوكال أن هذه الطريقة تعد إحدى آليات التحكم في نسبة التضخم التي يجب أن لا تتجاوز ال5 بالمائة. وقد وجه محافظ بنك الجزائر محمد لوكال منذ اعتلائه منصبه خلفا لمحمد لكصاصي قبل ما يقارب السنتين، ما يتجاوز 10 تعليمات، للقضاء على البيروقراطية على مستوى البنوك وتسهيل عملية استرجاع الأموال المتواجدة في السوق السوداء، كما عبّد الطريق للخدمات البنكية الإسلامية على مستوى البنوك العمومية، والتي تعد أحد أهم الرهانات لجر الجزائريين إلى هذه المؤسسات المالية الرسمية، والابتعاد عن ظاهرة اكتناز أموالهم في البيوت، والإبقاء على تعاملات "الشكارة".