إعتبرت صحيفة (الغارديان) اليسارية البريطانية، في عددها الصادر أمس، بأن إرسال قوات دولية إلى لبنان سيكون بمثابة إنقاذ لإسرائيل، فيما رأت (التايمز)، أنه لا فائدة من إرسال هذه القوات في وقت لم يتم فيه الإقرار بضرورة الإعلان عن وقف فوري للقتال. جمال لعلامي قبيل المؤتمر الدولي الذي سيعقد بالعاصمة الإيطالية روما، لمناقشة مسألة إرسال قوة دولية إلى لبنان، لاحظت (الغارديان) بأن نشر هذه القوات الدولية، سيكون "عديم الجدوى"، ما لم يتم التوصل إلى "حل متفاوض عليه"، للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يعتبر "جوهر الصراع" في المنطقة!. وأكدت الصحيفة البريطانية، أن إرسال قوات دولية إلى لبنان، سيكون بمثابة إنقاذ لإسرائيل من فشلها في إبعاد مقاتلي حزب الله، لتنوب القوات الدولية عنها، بعد أن لجأت تل أبيب إلى وضع حملتها العسكرية ضد لبنان في إطار ما يسمى "الحرب على الإرهاب"، وهو ما يستدعي حسب (الغارديان) "تدخل الأسرة الدولية لاحتواء الوضع"، بما يعني إقحام المجموعة الدولية في حرب نيابة عن إسرائيل. وأيا كان شكل ومهام القوات الدولية المزمع إرسالها، سواء تحت مظلة الأممالمتحدة، مثلما يريد الأمين العام كوفي عنان أو الحلف الأطلسي، وكما تريد قوى أخرى، منها إسرائيل، فإنها ستشكل "فرصة تخفف فيها تلك القوات العبأ الأمني عن الواجهتين السورية واللبنانية لحدود إسرائيل وربما في ما تبقى من الأراضي الفلسطينية أيضا في يوم من الأيام" حسب (الغارديان). وترى الصحيفة، واسعة الانتشار في بريطانيا، أن نشر قوات دولية في جنوب لبنان، لا يعدو أن يكون محاولة من إسرائيل لإقحام المجموعة الدولية في حربها ضد حزب الله في سعي واضح لنزع سلاحه، وهو ما لا تريد القيام به حتى الدول الأكثر تضامنا مع إسرائيل، بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية رغم ما يصدر عنها من مواقف تجاه حزب الله. ورجحت صحيفة (الأندبندنت) من جهتها، إحتمال "التسوية السلمية" في آخر المطاف، بحيث تسلّم إسرائيل بأنها دخلت حربا لا يمكن تحقيق النصر فيها و"تلجأ إلى الأممالمتحدة لإنقاذ ماء وجهها بينما تدفع الولاياتالمتحدة في اتجاه نشر قوة لحفظ السلام في المنطقة". وترى جريدة (الأندبندنت) أن هذا السيناريو، هو أكثر الاحتمالات ترجيحا، وأن هذا الاحتمال أصبح يبدو واردا بشدة بسبب أن إسرائيل لم تعد ترى مخرجا عسكريا للأزمة، وهذا الاحتمال واحد من خمسة احتمالات حول ما ستؤول إليه الحرب التدميرية، التي تشنها إسرائيل ضد لبنان، ومن الاحتمالات التي ساقتها (الأندبندنت)، أن تغرق إسرائيل في مستنقع المواجهة طويلة الأمد، مقابل فشل المساعي الدبلوماسية، وفي هذه الحالة فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا ستعتبران أن المعركة كسبها "محور الإرهاب"، الذي يشكله حزب الله وسوريا حسب منطق الحلف الأنغلو أمريكي. وعشية اجتماع روما، سيطر التشاؤم على معظم التحليلات الصحفية بخصوص إحتمالات الاتفاق على إرسال قوة دولية إلى لبنان، لا سيما وأن مصادر بحلف الأطلسي، ذكرتها الوكالة البريطانية (رويترز)، تقول إنه من غير المرجح أن يشارك الحلف الأطلسي، "لأن الولاياتالمتحدة لا ترغب بالالتزام بالمشاركة بقوات منها كما أن الحلفاء المهمين الآخرين منهكون". وحسب مصادر (رويترز)، فإن واشنطن التي "تعاني في كل من العراق وأفغانستان ولا تحظى بشعبية في العالم العربي"، ليست لديها رغبة في لعب دور عسكري في لبنان الذي انسحبت منه عام 1983 بعد أن فجر حزب الله ثكنات عسكرية لقوات مشاة البحرية الخاصة بها وسفارتها ملحقا بها خسائر بشرية ضخمة. ويواجه الجيش الإسرائيلي هذه الأيام مقاومة شرسة من مقاتلي حزب الله، وهو يحاول السيطرة على هذه البلدة عبر عملية أطلق عليها اسم "الشبكة الفولاذية"، وهي تسمية تنطوي على رد ضمني على توصيف حزب الله لإسرائيل بأنها "شبكة" أو "بيت العنكبوت". ولبلدة بنت جبيل أهمية أخرى بالنسبة للإسرائيليين، باعتبارها المكان الذي كان قد ألقى منه السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله خطاب النصر بعد تحريرها عام 2000. ولهذا السبب يسعى القادة العسكريون والسياسيون داخل إسرائيل إلى السيطرة على بنت جبيل من أجل تحقيق نصر معنويا يعيد لهم المصداقية لدى الشعب الإسرائيلي الداخلي الذي بدأ يتذمر.