* عجز بنسبة 100 ألف متر مكعب في غرف التبريد "الخضراء".. هكذا يحلو لأبناء عين الدفلى أن يسمّوا ولايتهم، ولا يستغرب زائر المنطقة ذلك، لأنه من أي الجهات دخلها إلا وواجهته خضرة أراضيها.. ولاحت له بساتينها.. وتكشّفت أمامه مزارع البطاطا على امتداد مساحاتها، هذه المادة التي صارت اختصاص فلاحي المنطقة بامتياز، وكما قال لنا أحد إطارات الفلاحة بالولاية أنه " قوت الفقراء ولعين الدفلى شرف توفيره لما يقارب نصف سكان الجزائر ". * * استحوذت ولاية عين الدفلى، خلال السنوات الأخيرة، استنادا للتصنيف الذي وضعته وزارة الفلاحة وكذلك المنظمة العالمية للتغذية والزراعة، على المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج مادة البطاطا، مسخّرة لذلك حسب ما أدلى به رئيس الغرفة الفلاحية بالولاية السيد الحاج جعلالي ل"الشروق" أكثر من 20 ألف هكتار موزعة على نصفين بين زراعة موسمية وخارج الموسمية، كما خصصت في نفس الوقت مصالح الفلاحة حوالي 2500 هكتار لبذور البطاطا تؤطرها مؤسسة متكونة من أصحاب غرف التبريد مختصة في هذا المجال وتعمل ضمن شبكة تتألف من 125 وحدة، وتصل نسبة البطاطا الموجهة للاستهلاك إلى ال 40٪ من الإنتاج الوطني، وتغطي من ناحية البذور احتياجات 28 ولاية بنسبة تفوق ال 50٪ من البذور المحلية، يعنى بها أكثر من 700 فلاح . * * ولاية تغطي حاجيات 28 ولاية * وحسب رئيس الغرفة الفلاحية، فإن هذه القفزة التي تحققت على مستوى إنتاج مادة البطاطا بالولاية والتوسع الكبير في مجال تسخير المساحات الشاسعة لهذا المنتوج والتي بلغت ال 20 ألف هكتار، في حين كانت منذ سنوات قليلة لا تتجاوز ال 3500 هكتار، مردّه إلى الدعم الذي وجهته الدولة للفلاحين والمستثمرين في هذا المجال على مستوى عتاد الري من جهة، ومن جهة أخرى، تمكينهم من مصادر السقي باستغلال مياه 5 سدود و6 حواجز مائية وحوالي 1500 بئر عميق . * وبفضل هذه المنشآت الكبرى - يقول جعلالي - انتهج الفلاحون توجها جديدا بفتح ما يسمى بالاستثمارات المتوسطة والمتمثلة في اقتناء عتاد جلب الماء كما تعرفه الآن مناطق جنوب الولاية، أين بلغت بعض شبكات الجلب عن طريق مد الأنابيب إلى 15 كلم، مستغلة بذلك مياه السدود والحواجز المائية وهو الشيء الذي شجع الفلاحين في ظل توفر هذه الإمكانات على توسيع مساحات إنتاج البطاطا بالتنقل إلى أراضي جديدة وإراحة أراضي سابقة من الاستعمال . * وتسعى المصالح الفلاحية بالولاية - كما يقول إطار بمديرية الفلاحة - إلى تطوير وتوسيع إنتاج الخضروات بما فيها مادة البطاطا بانتهاج طريقة السقي بالتقطير وطريقة الرش بهدف الاقتصاد في الماء أولا، وثانيا لرفع مردود الهكتار، ورغم أن الولاية - يضيف محدثنا - رائدة في هذا المجال بتمكنها من تطبيق طريقة السقي بالرش على 70٪ من مجموع أراضيها الزراعية والسقي بالتقطير على13٪ منها، إلا أنه تبقى حوالي 7٪ من المساحات ذات السقي الواسع والتي من مهمة الفلاحين القضاء عليها في المستقبل القريب بترشيد عملية السقي وإتباع الطرق العصرية في ذلك، وهذا لصالح رفع المردود كما جاء في اليوم العلمي الذي جرى مؤخرا بالولاية، أين تمت المقارنة بين السقي التقليدي والسقي بالتقطير في مجال مادة البطاطا، حيث صرح بعض الفلاحين الذين استعملوا طريقة الرش أنهم تمكنوا من جني حوالي 650 قنطار في الهكتار الواحد، بينما أنتج الفلاح الذي طبق طريقة التقطير 800 قنطار في الهكتار الواحد حسب تصريحه . * من جهة أخرى - حسب مصادر من الغرفة الفلاحية - فإن سعة التخزين الحالي لمنتوج البطاطا بولاية عين الدفلى تقدر بما يزيد عن 150 ألف متر مكعب هي حجم التبريد المتوفر والذي يعود كله للخواص، مسجلة في نفس الوقت عجزا ب 100 ألف متر مكعب لما تعرفه المنطقة من وفرة في الإنتاج وكذلك مزاحمة الفاكهة كالتفاح والإجاص، التي بدأت تعرف هي الأخرى إنتاجا وفيرا، لمادة البطاطا بغرف التبريد، ما يجعل بعض الفلاحين يعتمدون على ولايات مجاورة في حفظ منتوجهم ومنهم - حسب تصريح بعضهم - من يلجأ إلى الطرق التقليدية في ذلك كتخزينه ببيوت الطوب أو رصفه تحت الأشجار الموجودة على ضفاف الأودية لمدة محدودة تفاديا لتلفه، ومنهم من يتكبد بفساد منتوجه خسائر كبيرة تحوّل كميات هائلة منه إلى علف للحيوانات * وهو الأمر الذي دفع برئيس الغرفة الفلاحية بالولاية - حسب تصريحه ل "الشروق" - مشيرا إلى إمكانية تصدير المنتوج المحلي من البطاطا، إلى مطالبة مستوردي بذور هذه المادة بجلب تلك التي يتوافق إنتاجها مع النوعية المستهلكة في أوروبا حتى يتمكن الفلاحون في حالة وجود فائض في الإنتاج من بيعه عن طريق عقود شراكة إلى دول أخرى، مؤكدا أن عين الدفلى تتوفر على المياه بشكل جيد كما تمتلك أراضي خصبة لاتزال تربتها بكرا خالية من الأمراض وهذا - حسبه - يتلاءم مع إنتاج يتوافق ومعايير الجودة التي تمكّن من التسويق في الدول الأوروبية. * وفي سياق متصل، صرّح في حديثه ل"الشروق" رئيس المكتب الولائي لجمعية حماية المستهلك السيد "رقيق العربي" بأن أسعار البطاطا قد عرفت مؤخرا استقرارا نسبيا بأسواق الولاية، الشيء الذي رافقه ارتياح لدى المستهلكين، مضيفا أن هذه الفترة بالذات أي قبل حوالي شهر من جني المحاصيل الجديدة يعمل الفلاحون على إخراج ما في مخازنهم لتزويد السوق بانتظام، ما يجعل الاضطراب في العرض الذي عرفته السنوات الفارطة غير وارد . * وقال بعض الفلاحين أنهم كانوا يعيشون حالتين متناقضتين، إما وفرة في الإنتاج يقابلها انهيار مذهل في الأسعار وإفلاس للفلاحين، أو نقص وندرة في المادة بسبب تقليص مساحات الإنتاج لأسباب عدة يقابلها غلاء فاحش يدفع ثمنه المستهلك، مضيفين أنه بتدخل وزارة الفلاحة عن طريق استحداث ما يسمى بهيئة ضبط المنتوجات الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع (syrpalac) والتي تقوم بامتصاص المنتوج الفائض، أو في حالة شروعه في النفاد، تقوم آليات هذا النظام بإخراجه من المخازن حفاظا على استقرار السوق، قد أعطى حسبهم نتيجة جد ايجابية، مستدلين بما حققته مادة البطاطا من وفرة منذ رمضان هذه السنة وتأرجح سعرها بين ال 25 دج و30 دج، هو حد مقبول بالنسبة للمستهلك مقارنة بالسنة الفارطة 2009 في مثل هذا الوقت، أين سجلت مادة البطاطا غلاء مذهلا.