خلال بحر اسبوع الكل يترقب هل سترفع حالة الطوارىء ام يتم تمديدها، والتي هي بامتياز نفي لدولة القانون وللديمقراطية الحقة، اليوم في العشرية الثانية من الالفية لا يمكن تبريرها، ولكل من يتوهم بحيثيات ابقائها فهو خارج زمانه، قد كانت تبرر سابقا على اساس الدواعي الامنية ومحاربة الارهاب واستتباب الامن... الخ. * فحاليا لا يمكن تبريرها، وبالاخص كل الخطابات الرسمية تنص على انتهاء عصر اللاامن، وانتهى معها محاربة الارهاب، وان الجزائر استرجعت عافياتها وأمانها، اما البعض ممن يتوهم عكس ذلك فإنه يستعمل قياسات اقل ما يقال عنها انها تجافي المنطق، والرزانة... من ذلك قول ان حالة الطوارئ لا تعرقل نشاطات الحياة السياسية والمجتمع المدني... وإن كان ذلك هو الواقع!! فالأولى إزالتها وتنحيتها من القاموس القانوني والسياسي الجزائري حتى لا نقع في المزايدات؟! * لذلك أصبح من الملح ازالة هذه الفجوة النفسية التي تسلط على الحياة السياسية كسيف الحجاج، فحالة الطوارىء أو ما يعرف في بعض الدول بالحالة العرفية.. في ظلها القانون يصبح تحت السباط، ويصبح التعامل الاداري له الاولوية على حساب التعامل القانوني للعديد من القضايا، وبالاخص بعض القضايا الحساسة التي تتداخل مع مجالات ومشتملات حقوق الانسان. * فالازمة وسنين الدمار والجمر، او العشرية الدموية وراء الظهور!! فكان الأولى والأجدر أن تكون كل التوابع القانونية لها وراء الظهور والظاهر ايضا.. فالعديد من الاحزاب، والجمعيات او الافراد كان لهم هذا المطلب في اجنداتهم السياسية وبرامجهم الانتخابية، بدلا من الاستجابة لها والتعامل الايجابي معها، البعض خونهم وجعلهم اعداء للامة والوطن!!!... فلا صوت يعلو حسب منطقهم على صو الاسطوانة الرسمية. * تسعة فبراير 2011 عن قريب، والكل يكثنفه الغموض، وكأنه يشاهد فليم هيتشكوك المثير، فهل يتم رفع الطوارئ والاستجابة للعديد من المنادين لرفعها ام التمديد هو الحاكم والدائم؟؟!!... * فحسب قناعتي -وبدون تردد- فإن حالة الطوارىء وحقوق الانسان خطان متوازيان لا يلتقيان، بحكم أن الاول ينفي الثاني.. سواء من حيث الآليات أو الأدوات المستخدمة لبناء الدولة والمؤسسات، فدولة القانون وحقوق الانسان وسيادة الحق كلها تتحسس بحساسية عالية وليست مفرطة لحالة الطوارئ، فلا الخطابات التجميلية ولا التحسينات الظرفية ولا التبريرات السوقية قد تصمد امام فرض هذه الحالة. فالجزائر من بين خمس دول عربية أخرى المنظمة للعائلة -الجد- مغلقة تعيش وتعشعش فيها حالة الطوارىء... * إلا أن هذه السنة 2011 مروجو إبقائها في حالة الدفاع وليس في حالة الهجوم، بحكم الواقع الجديد.. ووعي الشعوب، والخوف من الانتفاضات السلمية المتتالية في العديد من الدول العربية، ففرض حالة الطوارى في مصر -مثلا- لم يصمد امام ثورة الشعب، فأصبح ديكورا يشوه اكثر مما يجمل الدولة ومكوناتها، او جملة لا معنى لها ولا فائدة منها أمام كسر حاجز الخوف للشعوب، ولأول مرة نلاحظ ان منطق التغيير فرض من الداخل في العالم العربي وليس مستوردا من الخارج -كما هو الحال في الحالة التونسية-، كما أنه لأول مرة يحاول النظام في مصر ان يغير من سلوكه بفرض قوة ومنطق الشعوب والشارع والعراك. * والساحة ما زالت مفتوحة في العديد من ربوع الوطن العربي لكل الاحتمالات، فالنعتبر ولنستخلص الدروس والعبر على ضوء العديد من التساؤلات!! فمطلب رفع حالة الطاورئ -حسب قناعتي- وبحكم الخطاب الرسمي المروج لدولة المؤسسات هل يدعم دولة القانون والديمقراطية؟! هل ينسجم مع بناء دولة المؤسسات؟! فهو بدون شك مدعم لتلك التساؤلات.. فاليوم في ظل حالة الطوارئ عندنا حاليا أحزاب ولا توجد حياة حزبية!! وعندنا مجتمع مدني ولكن ليس لدينا ثقافة جمعوية!! فالكل يلوم عدم تأطير المجتمع والافراد والانفلات عن طموحات الواقع؟! وينسى تبعات الطوارئ من غلق للفضاء السياسي والاجتماعي والجمعوري، ومن ثم عدم الترخيص السياسي لجميع التعبيرات المسموحة والسلمية (تظاهرة، مسيرة، احتجاج...)، كما لا يجب أن ننسى أن الجيل الحالى بالجزائر وغيرها من العالم العربي، هو جيل بلا عقد، أي بلا خوف لأنه تربى عبر الانترنت والفضاء المفتوح، ولأنه أهم من ذلك غير منتمي لا ينظر إلى الحسابات الدقيقة لدى السياسة، فلنعتبر والا القطار قادم آجلا ام عاجلا، ولا يتبقى انذاك الا المواقف والقيم. * واخيرا حبنا للخير والهناء والازدهار للجزائر يحتم علينا -حسب رؤيتنا المتواضعة- ان ننادي بضرورة رفع حالة الطوارئ، وأن الخير حاليا في رفع حالة الطوارئ وفتح مختلف الفضاءات للتنفس والتنفس... والخير حاليا أن نجتنب المزايدات والديمغوجية -كتعليق أو توقيف الاضرابات عبر نشرات الثامنه فقط- فكلها أصبحت مكشوفة وغير مبررة!!... فالشعب يريد الحرية والحياة الكريمة وغيرها من المطالب المشروعة.. وبدايتها بإزالة العائق النفسي وهو حالة الطوارئ. * اذن، نحن امام امتحان صعب ولحظة تاريخية ممتلئة بالعبر، اما نجتاز العقبة واما نسقط ونعود إلى الوراء.. ارجو أن نكون من أهل العبرة، فاعتبروا ياأولى الأبصار .