ليس سرا أن أسوأ ما يشنف الأسماع هذه الأيام، هو الخطب الرنانة التي تدعو إلى "حب الوطن" والتضحية من أجل "وطن" و"السماح" في حقنا من أجل الوطن.. والنوم وقوفا من أجل أن نصحى على أحلى "وطن". * تنافس الأحزاب الديمقراطية وجماعة التغيير مع أحزاب التحالف و"التعالف" الرئاسي على إعطاء دروس الوطنية والتباكي على الوطن، يدعو الشباب بطريقة أو بأخرى إلى "ضرب" حرنة سياسية لم تر هذه الكيانات السياسية مثيلا لها.. خاصة في ظل تنافس المتنافسين على ضم هذه الفئة إلى فصيلها، أو تحييدها من أجل مصلحة الوطن.. مرّة أخرى... * السوق السياسية في الجزائر تبقى تعج بتجار "الوطن" الذي يرتزقون به، ويصعدون على المواطن باسم "الوطن" ،وينهبون خيراته باسم "الوطنية"، ويفرغون جيوب الشعب وبطنه وعقله خوفا من تلاشي هذه "الوطنية".. * والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يتساءل تجار السياسة يوما عن مدى الإصابات والضرر الذي ألحقوه بالوطن، بتبنيهم هذا الخطاب الأجوف الذي أصبح يسبب "الغازات السامة " في أمعاء الشباب!! * سؤال معلق يبحث عن إجابة من الساسة الحاكمين: ماذا يمثل هذا الوطن لشباب 2011؟ * لقد درس الشباب عن حب الوطن الكثير حتى التخمة، وقرأوا في المدرسة "وطني.. وطني فيه سكني".. وافتخروا بحبه لهذا الوطن ورايته في أحلك الظروف.. لكنه في المقابل رأى في الرؤوس التي تحكم الوطن.. حبا آخر لخيرات الوطن.. لبتروله.. لأموال شعب مهربة.. وصفقات تتم باسمه ويجني بها "سراق الشعب" ثمار كد شعب بأكمله! * هل مازلنا فعلا في زمن "الرومانسية" والعزف علي وتر الوطن، في زمن يقتات فيه الجزائريون من المزابل "خبزة" تهز بركابهم للدفاع عن الوطن.. * الوطن ليس هو النظر إلى السماء وصفائها، وإلى البحر وزرقته، وإلى الجبال الشامخات وصمودها، وإلى الهواء ونسيمه العليل، وإلى الشجر وثماره.. دون أن يكون لك نصيب منها، فذلك هو الخداع والكذب بعينه. * الوطن اليوم هو الفساد السياسي الذي يكبر يوما بعد يوم، هو نهب ثروات الجزائر وتهريبها، هو سقوط الدولة أمام مافيا المال والأعمال، الوطن اليوم هو "أسير" سياسة فاشلة لم تزد الجزائريين إلا نقمة على الوزراء.. الوطن اليوم هو "لعبة" بين أيدي رجال يتداولون الوزارات فيما بينهم، فتجد الواحد منهم وزيرا للفلاحة ثم الصحة ثم التجارة.. وكأن الجزائر عقمت عن انجاب وزراء يملأون الكرسي كفاءة وعلما وأمانة.. * نعم " الوطن" يئس من سياسة هؤلاء الساسة، ويحن إلى جزائريين أحرار يرفعون "الراس" ولا يثنون على الرذائل باسمه.. ولا خير في وطن غير كريم بأهله.. ولا آمن بأصحابه.. ولا محترم بين ساسته.. وطن كهذا.. لا عشنا ولا عاش ساسته!