أدى التهاب أسعار الذهب عند الصاغة في المدة الأخيرة إلى إقبال الناس على شراء الذهب من عند "الدلاّلات"، بسبب أسعارهن المنخفضة التي لا تتجاوز 1500دج للغرام الواحد، مقارنة مع أسعار الصاغة التي تجاوزت سقف 2500 دج للغرام. وتنتشر "الدلاّلات" في أماكن معروفة بالعاصمة، حيث يقصدهن العديد من الراغبين في شراء الذهب، حيث يتواجدن بشارع العربي بن مهيدي وساحة الأمير عبد القادر "ورويسو"، يجلسن من الصباح إلى المساء، ويستقبلن المئات من قاصديهن لاقتناء حاجياتهم، كما تعرض "الدلاّلات" معظم السلع المتوفرة لديهن من عقود وخواتم وأقراط وطواقم الذهب بأنواع وتشكيلات وأحجام مختلفة، تكون في غالب الأحيان من متطلبات زبائن طالما تعوّدوا على هؤلاء النسوة. ولجلب الزبائن تلجأ "الدلالات" إلى المناداة على المارة لتعرضن عليهم ما تبعنه من ذهب، ولكسب ثقة قاصدينهم تستعمل "الدلاّلات" ميزانا صغيرا لوزن الذهب، وهذا حتى تجنّبن أنفسهن "حرج" الذهاب إلى الصائغي لوزن سلعتها. وتقول إحدى "الدلاّلات" إنها تبيع الذهب منذ سنوات عديدة حتى إنها لا تذكر الفترة بالتحديد، حيث تشتري الذهب المستورد لتقوم بعده بتصنيفه وتقديره، ثم تعرضه للبيع في السوق. وتضيف الحاجة خديجة أنها تجلس بشارع العربي بن مهيدي (بتريس موليه سابقا) منذ أكثر من 15 سنة، كما تقول إن لديها زبائن يقصدونها من أماكن بعيدة، يطلبون عقودا أو طواقم الذهب أو خواتم أو أقراطا، فتوفرها لهم، كما تضيف بأنها احتفظت بصلة جيدة مع زبائنها وهذا راجع للخدمات التي توفّرها وأسعارها المريحة، وترى "علجية" التي تبيع الذهب بساحة الأمير عبد القادر أن الإقبال على "الدلاّلات" كبير خصوصا في المواسم والأعراس، حيث توفّر سلعا عديدة متنوعة الأشكال والأحجام، بالإضافة إلى انخفاض أسعارها مقارنة بأسعار أصحاب محلات الذهب، فتقول "إن ثمن الغرام الواحد من الذهب عندنا لا يتجاوز 1200دج، في حين قد يصل عند الصائغي إلى حوالي 2000دج للغرام الواحد"، وهذا الفارق في السعر يجلب الراغبين لاقتناء الذهب. ولإثراء موضوعنا تحدثنا مع بعض النساء اللائي كن يطلعن على الذهب المعروض عند "الدلاّلات" فتقول "لمياء" إنها تعوّدت زيارة "الدلاّلات" من حين إلى آخر وهذا لتتفقد معروضاتهم وتقتني ما يلائمها، وتضيف بأنها تفضل اقتناء الذهب من "الدلاّلات" لأنها تجد راحتها معهن، بالإضافة إلى هذا باستطاعتها أن تبيع هي الأخرى الذهب المستعمل أو تقوم باستبداله بسلعة أخرى مع إضافة مبلغ معين من المال يتم الاتفاق عليه. في حين ترى فاطمة أن "الدلاّلات" هن المنْفذ الوحيد لها، خصوصا أن ابنتها مقبلة على الزواج، وقد تعوّدت الجزائريات على شراء الذهب للعروس لكي تأخذه معها، وترى أن الذهب المتنوع المعروض بثمن معقول مقارنة مع أثمان الصائغي يسمح لها بشراء بعض اللوازم، كما أن انخفاض الأسعار عند "الدلاّلات" هو الذي يدفعها إلى التوجه إليهن. وتقول "كريمة" إنه بالرغم من أن الذهب المباع غير مطبوع، إلا أنها تفضل شراء مستلزماتها من عند "الدلاّلات" لأنها تجد راحة بالها، وتؤكد أن الكثيرين والكثيرات يقبلن على ما تتيحه هذه النسوة من معروضات، لتبقى "الدلاّلات" السبيل الوحيد والمرجع الحتمي للذين يبحثون عن موازاة بين قدراتهم المادية وأسعار الذهب المرتفعة. أصحاب محلات الذهب يشتكون من قهر "الدلاّلات" ويشتكي أصحاب محلات الذهب من تواجد "الدلاّلات" بالقرب من محلاتهم، ويعتبر هؤلاء أن "الدلاّلات" يخطفن منهم زبائنهم. ويقول (س. ب) وهو مجوهراتي بحي محمد بلوزداد بالعاصمة، إن البيع لم يبق على عهده، كما أن دخله قد قلّ بسبب تهافت الزبائن على "الدلاّلات" اللائي تعرضن سلعهن بأسعار مغرية وبخسة. ويضيف (س. ب) بأنه فضلا عن احتكار "الدلاّلات" لسوق الذهب، فإن ذهبهن غير خالص مئة بالمئة، ويؤكد أنه قام بتعيير ذهب قام أحد الزبائن بشرائه من عند "الدلاّلات"، ونبّه إلى أنه مغشوش إلا أنه أصر على شراءه من عند "الدلاّلات" بسبب السعر لا غير، فالزبائن اليوم يتغاضون عن نوعية الذهب ويلهثون وراء الثمن. وفي مقابل هذا، أكّد لنا الصاغة أنهم ما زالوا يحتفظون بعدد قليل من زبائنهم الأوفياء بسبب الثقة التي نشأت بينهم، ويطالب هؤلاء الصاغة السلطات بضرورة وضع حد لهذه التجارة غير الشرعية والتي تزهق أموالهم وأموال الدولة. فائزة. أ. بن يطو