لولا احترامنا وتقديرنا لبعض المؤسسات وللكثير من الرجال في مختلف المواقع لقلنا وكتبنا كلاما قاسيا لا يروق للكثير من المسؤولين بشأن رياضتنا وشبابنا وثقافتنا وسياستنا، وكل أحوالنا العامة التي يميزها الجمود والركود والتراجع أحيانا أخرى على غرار العديد من مجالات الحياة التي يشتكي من تدهورها الوزير مثل الغفير، والمثقف كما الجاهل، والغني والفقير والسياسي والرياضي والطبيب والمريض والأستاذ والطالب، ولا يخلو مجال من الإهمال والتسيب واللا مبالاة، ومن التراجع المستمر في نتائج الرياضيين وأعداد الممارسين وفي المرافق والموارد المخصصة لهم، اعتقادا منا بأن الأبطال يولدون جاهزين من رحم أمهاتهم، وبأن الكلام الديماغوجي يكفي للنهوض بحركة رياضية تتدهور باستمرار.. لا جدال بأن نتائجنا في الألعاب الرياضية العربية هي الأسوأ في تاريخ المشاركات الجزائرية، وأنها برهان إضافي على التراجع الذي تعرفه رياضتنا، وأنها فاضحة للكذب الذي يمارسه علينا البعض عندما يقولون بأن السلطات العمومية وفرت كل الإمكانيات للمنتخبات والرياضيين والاتحاديات في محاولة لإلقاء اللوم على رياضيين لا يجدون أين يتدربون! وعلى منتخبات لا تجد مراكز للتحضير! وعلى اتحاديات لا تتعدى ميزانياتها "منحة إمضاء" لاعب كرة قدم واحد!، هو وضع لا يمكن السكوت عنه ولا يمكن أن يستمر لأن السكوت تواطؤ، واستمرار الحال يحبط المعنويات ويغذي مركب النقص الذي بدأ يشعر به الرياضيون الجزائريون أمام نظرائهم القادمين من دول تتخبط في مشاكل سياسية وأمنية، ناهيك عن أن قدراتها المادية والبشرية بعيدة تماما عن قدرات أبنائنا، ومع ذلك يتفوق هؤلاء على شباننا.. أو إن شئنا الدقة يتفوقون على الأداء الذي أوصل إليه المسؤولون شباننا! لا يمكن السكوت عن نتائجنا المخيبة في ألعاب القوى والسباحة والملاكمة والجيدو، وهي الرياضات التي كنا نتفوق فيها دائما، وكنا دائما مع الثلاثة الأوائل عربيا بفضل أجيال طموحة افتقدناها وإطارات كفأة تهاجر كل يوم! لا يمكننا السكوت على أحوال رياضتنا المريضة بسوء التسيير والتدبير وبالحقد والكراهية والانشقاق التي تتميز بها تعاملاتنا داخل الأسرة الرياضية، ولا يمكننا السكوت عما هو أخطر.. غياب الرؤية المستقبلية والمشروع الأمثل لمجتمع يعشق الرياضة ويحب وطنه وغياب سياسة وطنية للرياضة الجزائرية! لا يمكن السكوت عن قلة المرافق وسوء استغلالها، وتدهور تلك التي شيدها الأولون على غرار ملعب 5 جويلية الذي صار أضحوكة ومهزلة تسيء للجزائر والجزائريين الذين لم يقدروا على توفير ملعب صالح من العشب الطبيعي، ولم يقدروا على بناء مرافق جديدة يتم الحديث عنها في كل مرة ولكنه حديث للحديث وكفى فلا أحد رأى هذه المرافق الموعودة! لا يمكن السكوت عن التذمر الذي يعيشه أبناؤنا بسبب الاحتيال الذي نمارسه عليهم والوعود الكاذبة التي نكررها على مسامعهم في كل مناسبة رغم أن قدراتنا البشرية والمادية تفوق عشرين دولة عربية مجتمعة! لا يمكن السكوت عن مسؤولين يقولون ما لا يفعلون، وإذا فعلوا فإنهم يفعلون دون قناعة وبعيدا عن الواقع والطموحات، مسؤولون لا يتحلون بالشجاعة للاعتراف بإفلاس مشروعهم، ولا يقدرون على تجنيد حركة شبانية أصابتها الشيخوخة في ريعان عمرها، موع ذلك لم يقم واحد منهم لتقديم استقالته.. عندما أدعو إلى عدم السكوت فإنني لا أقصد إلقاء اللوم على الرياضيين والمنتخبات والاتحاديات، بل على منظومة فاشلة يصر على إقامتها وإدامتها مسؤولون برعوا في الفشل وفي عدم التجاوب مع طموحات أبنائنا، برعوا في عدم توفير شروط النجاح والإبداع لجيل يحب وطنه ويسعى إلى إثبات وجوده، ولم يستسلم رغم الكذب والنفاق وقلة المنشآت وضعف الإمكانيات. وعندما أدعو إلى عدم السكوت على ما يحدث لرياضتنا ورياضيينا، فإنني أدعو ضمنيا إلى عدم السكوت على التراجع الرهيب الذي تعرفه الكثير من القطاعات بما في ذلك حضورنا السياسي المتواضع في المحافل الدولية، وضعف النقاش السياسي داخليا، وتراجع الإنتاج الاقتصادي والفراغ الثقافي وانتشار الجريمة والرشوة والفساد وكل الآفات الاجتماعية. كما أدعو إلى عدم السكوت عن التأخر الحاصل في الإصلاح والتغيير، والتأخر الحاصل في فتح مجال السمعي البصري وعدم السكوت عن تدهور أحوال القناة التلفزية الوطنية التي تبتعد كل يوم عن طموحات شعبها. أما عندما أقول "طفح الكيل" فإنني لا أريد أن أكون قاسيا أكثر على مسؤولينا، لكن وطننا وشعبنا يستحقان من كل واحد منا كل الاحترام والتقدير والتضحيات قبل فوات الأوان.. فهل من مغيث للوطن والشعب؟ derradjih@gmail.com