تنظّم جامعة بوزريعة هذه الأيام المهرجان الأول للسينما الإيبيرو أمريكية الذي يقدم أفلاما من دول أمريكا اللاتينية وشبه الجزيرة الإيبيرية بلغتها الأصلية التي غالبا ما تكون الإسبانية، مع ترجمة الحوار. هذا المهرجان، الذي يستمر إلى غاية 29 نوفمبر الجاري، يُنظّم بالتعاون والتنسيق بين جامعة الجزائر وسفارات دول أمريكا اللاتينية المعتمدة في الجزائر ومعهد سرفانتس، حيث تُعرض 10 أعمال بين أفلام طويلة وأخرى قصيرة وأفلام وثائقية. وتتشكل غالبية الجمهور الحاضر للعروض من طلبة اللغات الأجنبية الذين وجدوا في هذه التظاهرة فرصة للاطلاع على الثقافات الأخرى وخاصة منها تلك التي نشأت في دول أمريكا اللاتينية، من خلال التفاعل بين الثقافة الوافدة من أوروبا عقب اكتشاف العالم الجديد، والثقافات المحلية كثقافة (الأزتك) و(الإنكا) وغيرها. ولا تبتعد سينما أمريكا اللاتينية في مضمونها عن السينما الأوروبية عموما، غير أنها تتميّز بتلك الشحنة العاطفية والإنسانية والجمالية التي عُرفت بها شعوب تلك المنطقة المتشبّعة في العمق وإلى حد بعيد بالثقافة الدينية المسيحية التي استطاعت ترسيخ وجودها في جنوب العالم الجديد على الرغم من الفظائع التي ارتكبتها الكنيسة الكاثوليكية هناك، من خلال تبريرها لجرائم الإسبان الذين احتلوا المنطقة خلال القرن السادس عشر، وهذا لا ينفي البعد النضالي الذي انطلقت فيه الكنيسة في أمريكا الجنوبية في صراعها مع الدكتاتوريات المحلية المدعومة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة منذ انطلاق الحرب الباردة. هذه الحالة النضالية الدينية المسيحية الفريدة من نوعها التي تحالفت مع القوى اليسارية في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ أمريكا اللاتينية والتي اشتهرت في العالم تحت عنوان (ثالوث التحرير). ومن خلال الأفلام العديدة التي تم عرضها، يتبيّن المستوى الفني والتقني الجيد للأداء السينمائي في أمريكا اللاتينية والذي لا يقلّ بأي حال عن مستوى السينما العالمية. سعيد جاب الخير