تحصي ولاية سطيف العشرات من المحاجر المنتشرة عبر الكثير من البلديات، والتي رغم كونها مصدر رزق الكثير من الأسر إلا أنها في الحقيقة نقمة حوّلت حياة المواطنين إلى جحيم، حيث تضاعف عدد المصابين بداء الربو كما تراجع النشاط الفلاحي، دون أن تستفيد البلدية من فلس واحد، وذلك بحكم تواجد مقرات تلك المحاجر في ولايات بعيدة. حيث تتركز الغالبية العظمى من المحاجر بجنوب الولاية، فببلدية «بئر حدادة» تتمركز حوالي 12 محجرة وببلدية «عين الحجر» يوجد نحو 10 محاجر، فيما تحصي بلدية «قجال» التي تعد البلدية رقم واحد وطنيا في إنتاج الحصى باحتوائها على حوالي 26 محجرة، غير أنها حوّلت في مجملها حياة المواطنين إلى جحيم حقيقي حيث أثر الوضع على صحة المواطنين القاطنين بالقرب من المحاجر، وحسب معلومات رسمية استقيناها من رئيس بلدية «قجال» فإن 30 بالمائة من مواطنيها مصابون بالربو جراء استنشاقهم لغبار المحاجر، وهو مشهد يتكرر بالبلديتين المتبقيتين، كما تأثرت الفلاحة بشكل مباشر بهذا الغبار الذي يشكل طبقة ترابية على المنتوج الفلاحي ويحرمه من أخذ حصته من التهوية وبالتالي التأثير المباشر على المنتوجات الفلاحية ومنه هجرة القطاع، ولم تسلم حتى العشرات من سكنات المواطنين المجاورة من الوضع، حيث تشهد الجدران تصدعات وتشققات تدخل الخوف والرعب في نفوس قاطنيها، وهذا بسبب الانفجارات المدوية التي تقطع سكون القرى والمداشر المجاورة لها، وعلمنا من رئيس البلدية المذكورة أن الكثير منهم يعمد إلى تحقيق تفجيرات غير مطابقة، وخير دليل على ذلك الأحداث المؤلمة المفضية لوفيات وجرحى من حين لآخر بسبب هذه التفجيرات، وزيادة على كل هذا فإن الشاحنات التي تقطع البلديات المذكورة وعددها يحصى بالآلاف يوميا والتي تحصي منها «قجال» لوحدها مرور ما يزيد عن 1200 شاحنة، حيث تساهم في مجملها في تقليص مدة صلاحية طرقات البلديات، خاصة وأن كل الشاحنات تعمد إلى الزيادة في الحمولة، مما يساهم في إتلاف الطرق، وهنا أكد مدير الأشغال العمومية أنه على رجال الإعمال الذين يستثمرون في المجال وتساهم شاحناتهم في تقليص عمر الطرقات أن يضعوا أياديهم في جيوبهم للمشاركة في صيانة الطريق، واضعا حدا لسنوات من المعاناة. والغريب في الأمر أن البلديات المذكورة لم تنل من المحاجر سوى المعاناة، في حين تستفيد ولايات أخرى من الرسوم وغيرها بحكم تواجد المقرات الاجتماعية للمحاجر بها، وقد أكد رئيس البلدية المذكور أن المحاجر بإقليمهم والإدارات تشيد بعيدا، وأكثر من هذا فقد نال سكان المنطقة الحبس بعدما تم توقيف أربعة شبان في آخر حركة احتجاجية قادها سكان قرية «أولاد ساتة» ضد الوضع ووجهت لهم تهمة التجمهر والتحريض على التجمهر.