اتسع نطاق الاحتجاجات التي تشهدها مدينة درعا لليوم الرابع على التوالي، وامتد إلى بلدتي جاسم وأنخيل في الجنوب السوري، في وقت انتشر الجيش حول درعا حيث شيّع الآلاف متظاهراً قُتل الأحد الماضي، مطالبين بالحرية السياسية وإنهاء الفساد. ونقل أيضا أن الطفل منذر مؤمن المسالمة (11 عاما) توفي أول أمس اثر إصابته في أحداث درعا الأخيرة. وأفاد أحد الشهود أن التظاهرات امتدت إلى بلدة جاسم الزراعية التي تبعد نحو 50 كيلومترا شمال درعا، مضيفاً أن وسط المدينة شهد تظاهرة شارك فيها المئات، ورُفعت خلالها صورة القتيل الذي سقط في درعا الأحد الماضي وأُطلقت هتافات مثل «ما في خوف... ما في خوف»، و«سلمية سلمية»، في إشارة إلى أن تظاهرتهم سلمية، و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد». كما تجمع مئات من الأشخاص في مدينة أنخيل الواقعة على بعد 40 كيلومترا من درعا حيث هاجموا مقر الشرطة وخربوه وهم يطلقون هتافات. وبدا أن السلطات اختارت إرخاء قبضتها وعدم التدخل ضد المتظاهرين، إذ لم تستخدم قوات الأمن القوة لقمع الاحتجاجات في جاسم، في حين انتشر الجيش عند مداخل مدينة درعا حيث اصطف مئات من رجال الشرطة يحملون بنادق «كلاشنيكوف» على جانبي الطرق، من دون أن يدخلوا في مواجهات مع آلاف المشاركين أول أمس في مسيرة أعقبت جنازة رائد الكراد (23 عاما) الذي قتل أول من أمس، في وقت وصل وزير العدل السوري محمد أحمد يونس إلى مقر البلدية في محاولة إلى تهدئة الخواطر وفتح حوار مع المحتجين. وفي بادرة يؤمل منها أن تنزع فتيل التوتر في البلدة، أطلقت السلطات أمس 15 طالباً كانوا اعتقلوا لكتابتهم شعارات احتجاج على الجدران، وساهم اعتقالهم في تأجيج الاحتجاجات التي قتل خلالها خمسة متظاهرين منذ الجمعة الماضي. وعن الوضع على الأرض في درعا، أفاد أحد السكان أن «المتظاهرين بدأوا بالسير من المقبرة إلى المسجد العمري بعد دفن» الكرّاد، مرددين هتافات مثل «ثورة، ثورة»، و«الله، سورية، حرية وبس»، مضيفا أن عناصر مسلحة تمركزت عند مداخل المدينة القديمة. وقال شاهد آخر لوكالة «فرانس برس» بينما كان إلى جوار المسجد العمري: «سجلت حالات اختناق عدة بسبب الغازات المسيلة للدموع، كما أن قوات الأمن المنتشرة بكثافة اعتقلت العديد من الأشخاص». وأضاف: «حاولت قوات الأمن الحيلولة دون مشاركة حشود كبيرة في الجنازة، إلا أن آلاف الأشخاص شاركوا فيها رغم ذلك»، لافتاً إلى أن «قوات الأمن انتشرت أيضا بكثافة عند مداخل المدينة». وقال أحد المشاركين في التظاهرة للوكالة: «سنبقى في الشارع معتصمين حتى تحقيق مطالبنا بالحرية». وكانت شخصيات محلية بارزة طالبت بالإفراج عن السجناء السياسيين، وتفكيك مقر الشرطة السرية في درعا، وعزل المحافظ، وإجراء محاكمة علنية للمسؤولين عن القتل، وإلغاء اللوائح التي تتطلب الحصول على تصريح من الشرطة السرية لبيع ممتلكات او شرائها. ولاقت أعمال العنف في سورية تنديدا فرنسياً، إذ دانت باريس مجدداً أعمال العنف ضد المتظاهرين في درعا، وطالبت بالإفراج عن كل الذين اعتقلوا لمشاركتهم في حركة الاحتجاج. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي أن باريس «تحض الحكومة (السورية) على التعامل مع التطلعات التي عبر عنها الشعب السوري بإجراء إصلاحات». وذكّر بتمسك بلاده «بحرية التظاهر سلماً في كل الدول» داعياً «سورية إلى تنفيذ التزاماتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان وحرية التعبير». في السياق نفسه، نددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» لحقوق الإنسان ب «الاستخدام المفرط للقوة» الذي أوقع «خمسة قتلى على الأقل»، داعية إلى أن «توقف سورية إطلاق الرصاص الحي وأي استخدام آخر مفرط للقوة ضد المتظاهرين».