استأثرت الثورات العربية بحديث الرّوائي التركي أورهان باموق أثناء حواره مع الجمهور البلجيكي في ختام مهرجان باسابورتا العالمي. واعتبر الكاتب الحائز على جائزة نوبل للآداب التقاليد الإسلامية والشّرقية مصدرا مختلفا للإلهام جعلته يجد صوته الخاص ليسمعه للآخرين. ولأنّ اللحظة الراهنة غنية بالأحداث الهامة على المستويين الإسلامي والعربي، وما يشهده العالم العربي من ثورات وحركات تحرر، فقد بدأ باموق حديثه عن مكانة مدينته إسطنبول في أعماله الروائية، وانتهى بالحديث عن السياسة العربية والإسلامية الراهنة، وعن إصرار الشعوب العربية في البحث عن عالم أفضل، حتى ولو كان الثمن دماء الآلاف والملايين من أبناء هذه الشعوب. وأكد باموق أنه يجد في التقاليد الإسلامية والشرقية مصدرا مختلفا للإلهام، وقال "أشهد أن ثقافتي الشرقية جعلتني أبحث عن طريقة أكثر عالمية لأسمع صوتي للآخرين"، معتبرا أن الفن الروائي الذي ولد في القرن ال19 بداية في فرنسا وإنجلترا، أضحى الآن لغة عالمية لا تمت بجذر محدد إلى ثقافة دون سواها. وكمبدع تركي يحيا في إسطنبول يدرك باموق جيدا الفروق الكبيرة بين الثقافات الغربيةوالشرقية، لكنه يقف موقف المعترض على مقولات الصدام بين الحضارات أو الثقافات، ويرى أن "كلمة صدام الحضارات هنا لا توحي لي إلا بحالات الحروب، وليس بتبادل المعارف والثقافات، لذا أومن بكلمة سوء فهم الثقافات أكثر من مصطلح صدام الحضارات". وفي لقاء طويل استمر قرابة ساعتين مع جمهور مهرجان باسابورتا الثقافي في بروكسل، تحدث الكاتب التركي عن قوة وأهمية الأثر الروائي في السرد العالمي المعاصر، فقال "إذا أردنا أن نقدم أنفسنا لأشخاص جدد نلقاهم للمرة الأولى، فنحن نحكي عن أنفسنا قصصا ليعرفنا الآخرون". وأضاف باموق "الرواية هي الوسيلة الوحيدة لتحويل قصصنا إلى حكايات يعنى بها أشخاص آخرون، ومن ثم تصبح قصصنا هي قصص وحكايات شخوص بعيدة كل البعد عنا، في الطرف الآخر من العالم، لكننا رغم هذا نحكيها كتابة، وهم رغم هذا يقرؤونها، فيجدون أنها تكتب عنهم وتحكي أسرارهم وتسرد حيواتهم".