قرّرت الحكومة التدخل أخيرا من أجل إنهاء فوضى المواقف العشوائية للسيارات بعد تزايد الشكاوى من انتشار الشباب عبر كل شوارع وأحياء المدن وتحويل أماكن عمومية إلى ما يُشبه الممتلكات الشخصية يكون ضحيتها أصحاب المركبات السياحية. ولهذا الغرض أنهت وزارة الداخلية صياغة مرسوم تنفيذي خاص بتنظيم هذه العملية على أن يُعرض قريبا للنقاش على اجتماع الحكومة. تسلّمت بعض القطاعات الوزارية قبل أسبوع وثيقة من مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية تتعلق بمشروع أولي لمرسوم تنفيذي من أجل تنظيم مواقف السيارات في الشوارع والأحياء، وقد تمّ إبلاغها بضرورة تقديم المقترحات والملاحظات التي تراها مناسبة وضرورية لهذا الغرض من باب إثراء هذا النصّ، وعليه فمن المتوقع أن يحظى الأخير بكثير من الاهتمام على مستوى الجهاز التنفيذي بالنظر إلى حساسيته، ويُرتقب مناقشته قريبا في اجتماع للحكومة. وبموجب ما حصلت عليه «الأيام» من معلومات حول هذا المشروع فإن أهم ما ورد فيه إجراء يقضي بتنصيب لجنة تضم رئيس البلدية وممثلين عن الشرطة والدرك لدراسة الملفات التي سيتم تقديمها من قبل الراغبين بالقيام بهذه الخدمات، بما يعني تقنين عملية تسيير المواقف العشوائية ووضعها تحت سلطة مباشرة للبلدية مع مراقبة من مصالح الأمن حتى يتم ذلك عن طريق رخصة رسمية. وبالتالي فإنه من المتوقع أن يضع هذا المرسوم، قيد التحضير، حدّا لظاهرة انتشار الشباب في كل مكان من أحياء وشوارع المدن الكبرى والفضاءات الحضرية بشكل عام، والمطالبة من أصحاب السيارات بدفع مقابل مادي نظير حراسة المركبة، وهو ما يمثّل ابتزازا عجز السواق عن معالجته بالنظر إلى أن هؤلاء الذين يسطون على المساحات العمومية غالبا ما يلجؤون إلى أسلوب التهديد سواء باستعمال القوة أو الاعتداء على السيارة ذاتها في حال رفض الدفع. وحسب معلوماتنا فإن المرسوم التنفيذي الذي تعكف وزارة الداخلية على وضع اللمسات الأخيرة عليه يوكل إلى مصالح البلدية مهمة صياغة دفتر شروط خاص بالعملية، كما أنها ستسهر في الوقت نفسه على فرض احترامه من طرف الجميع، كما يُتوقع أن يتم تقسيم المواقف حسب المساحة والمواقع مع تخصيص البعض منها إلى الشباب البطال عبر إنشاء تعاونيات تضم البطالين بينما يتم إخضاع بعض المواقف الأخرى لطريقة المزاد العلني. وقد راعت مصالح الوزير «دحو ولد قابلية» الكثير من المعطيات الاجتماعية قبل الإفراج عن هذا المشروع، فإلى جانب الهدف الأساسي منه المتمثل في تنظيم عملية وقوف السيارات ووضع حد للفوضى التي تشهدها الكثير من المدن في هذا المجال، فإنها تنوي من خلال ذلك فتح فرص التشغيل أمام الشباب البطال، وأكثر من ذلك فإنها ستمنح الأولوية للشباب الذين يستغلون بعض الموافق حاليا بطرق غير قانونية لحراسة السيارات عبر الشوارع والأحياء، بما يضمن تقنين نشاطهم بعد تقديم ملفات لمصالح البلديات المعنية. ويجدر التذكير أن العاصمة تشهد استفحالا كبيرا لظاهرة انتشار «المواقف المحروسة» كونها تحصي ما يزيد عن 1000 موقف غير رسمي للسيارات، وهي المواقف التي تستقبل يوميا ما لا يقل عن 700 ألف سيارة، الأمر الذي خلق فوضى عارمة ويتسبب في إزعاج السكان وحدوث شجارات ومُلاسنات بشكل مستمر بين سائقي السيارات والشباب الذين يسهرون على حراسة هذه السيارات سواء بسبب تعرض السيارات إلى السرقة أو على خلفية السعر العشوائي الذي يُحدّده الحارس الذي غالبا ما لا يقل عن 50 دج مهما كانت مدة الركن.