بعد مضي أكثر من شهر على فعاليات صالون الكتاب الدّولي وتزامنا مع فعاليات مهرجان “القراءة في احتفال” الذي يجول مختلف ولايات الوطن؛ أردنا أن نفتح قوسا للسّؤال عن حال هذا الجليس..عن صحّته وأحواله.. وعمّا فعلته به الأيام..والوفاء طبع الكرام.. كان السّؤال دون وصاية وكانت هذه التوجّهات والتوجّسات.. الممثلة الكوميدية بختة ونيس: “مازلنا في الجزائر نفقتد لاهتمام أكبر بالكتاب“ الكتاب خير أنيس لبني البشر، ونحن في الجزائر ما زلنا نفتقد للتظاهرات التي تحتفي بالكتاب وتقدمه للجمهور العريض في أبهى حلة، ينبغي علينا الاهتمام أكثر بالكتاب فهو الوسيلة الوحيدة للتّثقيف وتنمية القدرات الفردية فالثقافة هي التي تحرك عجلة التنمية نحو الأفضل، فشعب بلا ثقافة هو شعب بلا هوية وبلا حاضر أو مستقبل. وإذا أراد أي شعب أن يتحضر ويبلغ العلى ويواكب العصر فعليه بالعلم والقراءة والمطالعة. لقد أصبح الصّالون الدولي للكتاب محطة قارة في البرنامج السنوي الذي تسطره وزارة الثقافة، أما تظاهرة القراءة في احتفال فهي تظاهرة جديدة بالنسبة لنا، فلا ينبغي أن تكون هذه التّظاهرات حدثا عابرا ومناسباتيا، بل لابدّ أن تكون لها أبعاد وطنية وأهداف حقيقية تسعى لتربية الأجيال الصاعدة على فعل القراءة وتثقيف الذات، فأولياؤنا نعذرهم لأنهم عاشوا في فترة الاستعمار الفرنسي الذي سخّر كلّ السبل والوسائل المتاحة لطمس هويتهم وتجهيلهم وتجويعهم ثقافيا، لذا كان أغلبهم أميون، لكن اليوم كلّ الظّروف والتسهيلات متوفّرة من دور لمحو الأميّة والمدارس والجامعات والمكتبات، كل شيء متوفر ويدفعك دفعا للقراءة والتعلم، فالقراءة ممارسة مستمرة على مدار الفصول الأربعة، حيث لابدّ لنا من المطالعة يوميا وأن نكتسبها كعادة حميدة في سلوكنا اليومي. وأنا شخصيا أحب الكتب في مختلف التّخصصات فكل ما يفيدني أطالعه سواء كتب في التاريخ أو الدين أو الشعر والأدب، فالقراءة ضرورة لبدّ منها سواء للفنان أو الإنسان العادي لا فرق المهم تنشيط الذاكرة باكتساب معارف جديدة وتوسيع آفاق تفكير الإنسان، وأتمنّى خاصة أن يستثمر الشباب الجزائري وقته ويملئ فراغه بالمطالعة، فربما قراءة كتاب ما توحي له بفكرة أو مشروع يفتح له آفاق نحو المستقبل، فالإنسان المثقف يفيد مجتمعه ويستفيد منه في آن واحد. قيس راهم شاعر شعبي: “على المجتمع أن يلعب دوره أيضا” في الحقيقة هذا تساؤل مهم ولكن من الصعب والمبكر أن نجري تقييما منصفا وحقيقيا يمكّننا من معرفة ما مدى نجاح هذه الفعاليات من عدمه على بعد شهر واحد من مرور التظاهرة لأن الوقت عامل مهم في مثل هذه الحالات ومن جهة أخرى المصالحة تكون بين متخاصمين أما عندنا فالمشكلة أن العقل الجزائري لم يعامل يوما هذا الكتاب كصديق ولا كعدو حتى نتحدث عن المصالحة باستثناء طبعا القلة القليلة المثقفة........ أمّا ما قد تضيفه هذه الفعاليات، ففي اعتقادي أن مجرد التفكير في الأمر وإدراك خطورة المشكلة وعواقبها الوخيمة على العقل ونضج المستوى الثقافي والفكري للمجتمع بصفة عامة من الجهات الوصية يعتبر إنجازا لا يقل أهمية.عن مستوى التكفل الصحي به . ...لذالك أقول في الوقت الراهن يجب على كل فئات المجتمع أن تتحمل مسؤولياتها كاملة وتكف عن تبني موقفها السلبي لابد من تبني موقف ريادي.وتساهم في تحقيق قول المتنبي ...خير جليس في الأنام كتاب....
الشّاعرة والكاتبة فوزية “لارادي”: “المصالحة مع الكتاب تأتي على فترات“ يعدّ المعرض الدولي للكتاب محطة أساسية ومهمة جدا، تجعل الكتاب سلطانا وتتوجّه فوق الجميع، حيث تساهم مثل هذه المعارض في تقريب الكتاب من القارئ وتفتح الباب على مصراعيه للجميع من أجل المطالعة والقراءة، ففي الطبعة الأخيرة لاحظنا توافد كبير للزّوار وخاصّة طلبة المدارس الذين قدموا للمعرض في زيارات منظمة. بالنّسبة للمصالحة مع الكتاب تكون على فترات ومراحل، فالقراءة في احتفال كانت هذه السّنة تقريبا في مختلف ولايات الوطن وكان للأطفال حضور قوي فيها مرفقين بأوليائهم وهذا شيء جميل. فالقراءة جد ضرورية لأن المجتمع الذي يقرأ مجتمع متطور في فكره وراق في سلوكه، ويكون على إطلاع ودراية بكل صغيرة وكبيرة بما يدور حوله على كافة الأصعدة، بالمطالعة نحدد توجهاتنا ونرسم ملامح مستقبلنا، ولكن يا حبذا ألا تقتصر مثل هذه التظاهرات على المناسبات، فعلى كل ولاية أن تأخذ على عاتقها إكمال المسيرة والاستمرارية في هذه التظاهرات لتكون على مدار السنة، وهذا ما يعطي الفرصة لدور النشر لتكون حاضرة وتقرب المثقف من القارئ. أنا شخصيا أرى أنّ علينا التركيز على الأطفال والشباب، وأنا ضد فكرة أنّ شعبنا لا يقرأ بل على العكس، نحن شعب شغوف بالمطالعة، حيث أبهر الشعب الجزائري العالم بأسره وكل دور النشر العربية والأجنبية في الإقبال الكبير على معرض الكتاب واقتناء كتب في مختلف التخصصات رغم أثمانها الباهظة، حتى هناك بعض دور النشر نفذت كل كتبها في الأيام الأولى من المعرض، فقط علينا أن نوفر لشبابنا الفضاءات التي يقرؤون فيها.
المنشط التلفزيوني مراد زيروني: “ليست لدينا قطيعة مع الكتاب حتى نتصالح معه“ في الحقيقة لم نقاطع الكتاب حتى نتصالح معه، وما أحدثناه هو إعطاء أهمية أكبر للكتاب في ظلّ المنافسة الشّديدة وفي عصر العولمة حتى تبقى مكانة الكتاب محفوظة. كما أنّ مشكلتنا ليست مع الكتاب لنتصالح معه و إنّما مشكلتنا مع الوقت الذي أصبح لا يكفي لمتطلبات الحياة لذلك نجد كبار السن المثقفين لا يفارقهم الكتاب لأن حياتهم هادئة. الكتاب لابدّ له من توفر شروط كالهدوء وراحة البال حتى يمكننا استيعاب ما نقرأ، فإذا توفرت هذه المعطيات حتما سيصبح الكتاب خير جليس في كل مكان وزمان، لأن القراءة في الكتاب مثل الجوهر والألماس مع الوقت تزداد قيمته. الصّالون الدّولي للكتاب والقراءة في احتفال تظاهرات ثقافية تستحق التشجيع، فإذا كان المشرفون على هذه التظاهرات المقامة عبر مختلف ولايات الوطن بإمكانهم تكثيف الجهود أكثر لإحداث نهضة ثقافية حقيقية على كافة الأصعدة فهذا ما نرجوه، وإن لم يكن في وسعهم تقديم أكثر من هذا فهم مشكرون أيضا، لأننا نعلم جيدا أنّه ليس من السهل تنظيم تظاهرات ثقافية ومعارض دولية لأنها تحتاج إلى ميزانية ضخمة ومجهودات بشرية كبيرة، لهذا فعلى كافة الهيئات والجمعيات والمؤسسات الفاعلة على الساحة الثقافية أن تلعب دورها وتساهم في عملية انتشار الكتاب وترسيخ فكرة المطالعة.
الممثلة المسرحية صونيا: “الأجيال الصّاعدة تقضي وقتا أطول مع ألعاب الفيديو” من المهم جدا تعويد شبابنا على المطالعة وتحسيسه بأهمية فعل القراءة خصوصا اتجاه الصّغار والذي تتجاذبهم وتستقطبهم البرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو أكثر من أيّ شيء آخر، حيث يقضون معها وقتا طويلا على حساب ضرورة القراءة والمطالعة و التثقيف. إنّ الصالون الدولي للكتاب والقراءة في احتفال تعدان عرسا ثقافيا ومبادرة حميدة ببعدها الوطني لأنها تضع الكتاب في متناول الجميع، إنّ القراءة تغنينا فكريا وتثقفنا وتنمي مخيلتنا، فالكتاب كما يقال يعتبر خير جليس، فهو يحمينا من الوحدة ويمكننا من السفر عبر الأزمنة، فكل كتاب يعد شاهدا على عصره وتاريخه. أنا شخصيا أحب كثيرا قراءة الكتب القديمة ذات الأوراق المصفرة بفعل الزمن وهذا يشعرني بأنّ لديها روح، كما أحب فتح أوراق كتاب جديد و أكتشف من خلال الكلمات الشّخصيات الواقعية منها و الخيالية التي تصبح في متسع وقت القراءة تربطني بها علاقة صداقة طيلة مدة القراءة و أحيانا تربطني بها صداقة أبدية.