تحوّل الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني، عمار سعداني، إلى شعرة الميزان في التجاذبات التي يعيشها حزب جبهة التحرير الوطني في الأيام الأخيرة، ففي وقت تتحرّك أطراف داخل الحزب لمنع وصوله إلى الأمانة العامة بدأت حرب الكواليس من أجل فرض اسم يقود "الأفلان" في المرحلة المقبلة، في معركة سيكون فيها موقف الرئيس بوتفليقة حاسما. بات في حكم المؤكد أن الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، لن يترشح للعودة إلى المنصب الذي أزيح منه قبل نحو سبعة أشهر، حيث يدور في محيط "الأفلان" أن بلخادم قرّر رسميا تزكية ودعم الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني، عمار سعداني، ليخلف في منصب قيادة الحزب خلال الدورة الاستثنائية للجنة المركزية المقررة بعد يومين. وكان عبد العزيز بلخادم قد رحّب في أوّل ردّ فعل له بقرار وزارة الداخلية والجماعات المحلية الترخيص بعقد دورة اللجنة المركزية، معتبرا ذلك مطلب غالبية الأعضاء عندما قدّر بحصول تأخر كبير في اختيار من يخلفه على رأس الحزب. ومعلوم أن رئيس الحكومة الأسبق كان قد ألحّ رفقة مسانديه في دورة 31 جانفي على ضرورة تنظيم انتخابات جديدة في نفس الدورة لانتخاب أمين عام الجديد عبر الصندوق مثلما تمّت الإطاحة به عبر الصندوق، لكنه فشل فس مسعاه. وذكرت بعض التقارير أن إعلان بلخادم مساندة عمار سعداني سيتم خلال الساعات المقبلة، من خلال بيان مكتوب سيصدره غدا الأربعاء على أقصى تقدير، أي عشية الدورة الطارئة، وقد فضّل عدم الترشح من جديد تفاديا لتغذية مزيد الانقسام في صفوف الحزب، لكن هذا الموقف له حسابات أخرى لها علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة لأن عبد العزيز بلخادم لا يخفي طموحه لدخول هذا السباق، ولذلك فإن انتخاب سعداني أمينا عاما يعني فتح الطريق أمامه من أجل تحقيق طموحه (بلخادم) الرئاسي، بالإضافة إلى أن دعمه لشخص الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني مردّه قطع الطريق عن الجماعة التي أزاحته من قيادة الحزب وهم بالأساس وزراء "الأفلان" وجماعة التقويم والتأصيل. ويسعى معارضو جناح بلخادم من جهتهم إلى التموقع من خلال محاولة تشويه صورة عمار سعداني واتهامه بالتورط في قضايا فساد فيما يسمى ب "الامتياز الفلاحي"، ويشاركهم في ذلك منسق المكتب السياسي عبد الرحمان بلعياط، وهناك ما يشبه تحالفا غير معلن بين عبادة وبلعياط يسير في هذا الاتجاه رغم خلافاتهما الكبيرة في الخيارات، ويبرز الآن اسم وزير الصحة والرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، واحدا من أبرز المتنافسين على منصب القيادة في جبهة التحرير الوطني. وسبق أن علّق عمار سعداني على الاتهامات التي تطلق ضدّه بالقول: "لا أردّ على الإشاعات.. أردّ إذا كانت هناك أدلة تثبت صحة ادعاءاتهم، حينها سأقوم بالرد عليهم.. لذلك كل ما يقال هو من باب الإشاعة"، وبرأيه فإن "الردّ على هذه الإشاعات هو دعم لها، وهم يريدونني أن أدخل في هذه المعمعة التي لا فائدة منها، من خلال الحديث عن شيء غير موجود أصلا".