في أسرع وتيرة هبوط منذ الأزمة العالمية، انخفضت أسعار النفط أكثر من 38% خلال شهرين، متجاوزة للمرة الأولى مستوى الدعم النفسي 40 دولار للبرميل منذ فبراير 2009، لتتجه صوب مستوى 33 دولار وهو أدنى مستوى سجلتها التداولات خلال الأزمة العالمية. القلق من تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني والتي تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، كان السبب الرئيسي وراء هذه التراجعات القوية خلال الأيام الماضية، فبعد البيانات الضعيفة للنشاط الصناعي الصيني خلال جلسة الجمعة أثارت مخاوف المستثمرين بشأن ضعف الطلب على النفط في الوقت الذي يشهد فيه المعروض العالمي من النفط وفرة كبيرة. الانتاج داخل منظمة أوبك وخارجها يشهد نموا مطردا، على الرغم من الأسعار المنخفضة، فالدول المنتجة تصارع للدفاع عن حصتها في الأسواق برفع الانتاج، مما يزيد من الضغوط على أسعار النفط ويزيد من حدة الانخفاضات. انخفاضات زادت من حدة مطالب منظمة أوبك بعقد اجتماع طارئ لمحاولة وقف نزيف أسعار النفط، لكن دول المنظمة أعلنوا أنهم لن يخفضوا من انتاجهم، حتى ايران والتي دعت رسميا لعقد الاجتماع، أعلن وزيرها النفطي أنها تخطط لرفع انتاج النفط بأي ثمن، مشيراً إلى أن بلاده ستفقد حصتها في السوق بشكل دائم إذا لم ترفع الانتاج. المشكلة الحقيقية تكمن في النمو الاقتصادي العالمي، فمع الانهيارات الحادة في السوق الصيني وتراجع الانتاج الصناعي، والأزمة اليونانية، والمخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، يتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤ أدنى من التوقعات، الأمر الذي يطرح تساؤل هل ستشهد الأسواق أزمة نمو؟ بنك "غولدمان ساكس": شبح الكساد لا يخيم على الاقتصاد العالمي إعتبر بنك "غولدمان ساكس" أن شبح الكساد لا يخيم على الاقتصاد العالمي رغم المخاوف الأخيرة بشأن الاقتصاد الصيني وانخفاض أسعار السلع الأولية، إلا أن المصرف خفض نظرته المستقبلية لأسواق الأسهم العالمية. وفي مذكرة وزعها البنك على عملائه اعتبر محللو "غولدمان ساكس" أن "هبوط أسعار السلع الأولية والضعف الذي ألم بالاقتصاد وسوق الصرف في الآونة الأخيرة في الصين وأسواق ناشئة أخرى لن يوقع الاقتصاد العالمي في براثن الكساد." وخفض البنك نظرته المستقبلية قصيرة المدى لأسواق الأسهم إلى "محايد" لكنها ظلت "مرتفعة" خلال ستة إلى 12 شهرا كما تمسك البنك بنظرته المتمثلة في أن أسعار السلع الأولية ستستمر دون المستوى. وقال محللو "غولدمان ساكس" أنهم يرون "أن الأسواق تبالغ في تأويل انهيار أسعار النفط والسلع كإشارة سلبية للنمو" لافتين إلى أن هبوط أسعار النفط والسلع الأخرى هو في المقام الأول انعكاس لوفرة المعروض مقابل ضعف الطلب. سنوات عجاف.. لم يأت مستوى أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2015 حسبما توقعته بعض قيادات الدول العربية النفطية، والتي راهنت على بدء تحسن الأسعار في هذا التوقيت. وعلى ما يبدو فإن هذه التوقعات أتت في ضوء مسح أجرته منظمة "الأسكوا" للأداء الاقتصادي لدول المنطقة لعام 2014/2015، حيث توقع المسح أن تكون أسعار النفط خلال العام الجاري، ما بين 40.6 دولارا للبرميل كحد أدنى، و70.3 دولارا كحد أقصى. ولا زالت أسواق النفط تعاني من تخمة في المعروض، تؤدي إلى استبعاد الأمل في تحسن أسعار النفط في الأجلين القصير والمتوسط، ويضاف للعوامل الدولية، العوامل الإقليمية والقُطرية التي تعيشها الدول العربية النفطية، والتي تجعلها مضطرة لاستمرار الإنتاج ، بسبب اعتماد الإيرادات العامة بهذه الدول على الموارد النفطية بشكل كبير. هذا الواقع من الأسعار المتدنية وغير المتوقعة بالسوق الدولية قد يفرض على الإدارة الاقتصادية بالدول العربية النفطية مجموعة من التحديات، وهو ما جعل عبد الخالق عبد الله، المستشار السياسي لولي عهد إمارة أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، يعلق بقوله: "توقعات بالمزيد من تراجع سعر برميل النفط الخام، وربما سيصل 35 دولارا مع نهاية 2015، بعد أن كان سعر البرميل 105 دولارا صيف 2014، سبع سنوات عجاف قادمة". فهل ستغير السنوات العجاف القادمة من السياسات الاقتصادية التي تتبناها الدول العربية المصدرة للنفط، خاصة معدلات النمو، والتشغيل، واستمرار برامج الدعم، والتشغيل الحكومي، والعمل على زيادة هامش مساهمة القطاع الخاص؟ Share 0 Tweet 0 Share 0 Share 0