يبقى الحصن الصغير أو ما يعرف باسم "لارودوت" المتواجد بوسط مدينة سعيدة شاهدا على آلة القمع الاستعمارية الفرنسية في محاولة يائسة منها لكسر إرادة المقاومة الشعبية بقيادة «الأمير عبد القادر» وثني سكان المنطقة عن دعمها والالتحاق بها. ويعكس هذا الحصن الذي شيد سنة 1854 حالة القلق التي كانت سائدة في صفوف قوات الاحتلال الفرنسي في القرن التاسع عشر في ظل تعاظم رفض الأهالي لانتهاكات ووجود المستعمر مما أجبره على التواري وراء الأسوار، حيث كان الحصن المذكور محاطا بجدار دفاعي يتضمن مخرجين عرفا فيما بعد ببابي معسكر في الغرب وتيارت شرقا، كما كان هذا الموقع الذي حظي بقرار ولائي لحمايته صدر سنة 1990 -حسب المديرية الولائية للثقافة- يضم في جهته الشرقية مباني عسكرية فيما خصص الجانب الغربي منه لإقامة عائلات المستوطنين والعساكر الفرنسيين، وأشار المصدر ذاته إلى أن تاريخ هذا الموقع يرتبط بدخول القوات الاستعمارية الفرنسية إلى منطقة معسكر سنة 1835 بعدما اتخذ «الأمير عبد القادر» قرار الاستقرار بسعيدة التي اعتبرت إحدى القواعد الخلفية لمختلف العمليات العسكرية التي كان يقودها في المنطقة، حيث وجد لدى القبائل المنتشرة عبر الجهة الجنوبية الغربية كل المدد والعون اللازمين سواء تعلق الأمر بالمؤونة أو الرجال، وبالفعل تحول المعسكر الجديد لمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة إلى قلعة حصينة للمقاومة الشعبية آنذاك ومنطقة لحشد القبائل المساندة لها، ولما ضاق الاستعمار ذرعا بالخسائر الفادحة التي كان يتكبدها الجيش الفرنسي في العتاد والأرواح على يد المقاومة جهز الجنرال "بيجو" في شهر أكتوبر من سنة 1841 حملة عسكرية تستهدف مقر القيادة العسكرية ل «الأمير عبد القادر» بسعيدة انتهت بتشييد هذا الحصن العسكري على بعد 2 كلم عن المدينة القديمة، وبعد هدم القسم الغربي لا يزال الجزء الشرقي الذي يتربع على مساحة تناهز 2500 متر مربع قائما لحد الآن وهو يتضمن بالإضافة إلى البابين الكبيرين سالفي الذكر جزء من الجدار الدفاعي فضلا على قلعة قديمة وكذا بعض المساكن، وفي سياق المساعي الرامية إلى الحفاظ على الذاكرة الجماعية وتمكين الأجيال القادمة من اكتشاف تلك الممارسات الاستعمارية القمعية ووسائل البطش المعتمدة لإخضاع الشعب الجزائري تعمل مديرية الثقافة على حماية الحصن الصغير "لارودوت" لسعيدة، وقد أوضح المصدر ذاته أنه تم مباشرة الخطوات الإدارية من أجل تصنيف هذا الموقع ضمن القائمة الوطنية للمواقع والمعالم الأثرية من خلال تقديم ملف في هذا الإطار إلى اللجنة المتخصصة في المجال على مستوى الوزارة الوصية.