الشعوب العربية وبدون استثناء مدجنة من قبل أنظمتها.. تحكمها بواسطة حالة الطوارئ المعلنة أو غير المعلنة أو تجعلها تائهة كما تتيه الإبل في الفلاة وهي تقضي مظعم وقتها في البحث عن أنسب الأسعار التي تشعل فيها النار كما هو الحال عندنا كل رمضان!وعندما تصبح هناك قضية جديدة قديمة اسمها ''الجاج'' تأتي ضمن سلسلة قضايا البطون لا حدود لها ولا حلول كقضية الجحور التي عمادها الإسمنت الغالي والنفيس نكون أمام حالة مجتمع مدجن بكافة المقاييس ولكن ينقصه فقط الدجاج! الذي هو ملحها! أصل مصطلح مدجن .. من الدجاج، مثل الثورة أصلها من الثور ذو القرنين! وميزة الدجاج أنه على عكس باقي الطيور لا يستطيع أن يطير لكبر جثته مقارنة مع عقله الفارغ وجناحيه الهزيلين! ولهذا تنسب المجتمع الذي لا يقوى على الحراك للدجاج، خاصة أن هذا الأخير اختص في نقر أعين بعضه بعضا، وكل همه هو إشباع بطنه، بما توفره من القمح والشعير وحتى الحصى. فشعاره مثل شعار الكثيرين من عنوانه حشيشة طالبة معيشة.. ولا شيء سواها عدا الماء والشمس والهواء والجزائريون في الثلاثينيات كما يصفهم الكاتب الخاص لمصالي الحاج كانوا يلقبون في الثلاثينيات من القرن الماضي ب''الكوتشو''. وسر هذه التسمية أن كل مجهودات حزب الشعب الذي يطالب بعودته إلى الساحة أنصار أبو الوطنية المغاربية أنه كلما فاق وتحرك إلى الأمام يعود إلى وضعه الأول بواسطة ظاهرة التمدد! وعندما تثبت الوقائع أن تلك الصفة لم تمح إلى اليوم في الذاكرة الجماعية للناس، فإن ذلك معناه أن الجزائري لم يتطور فكريا على الأقل وإن تطور ماديا، بدليل أنه ما زال يحن للفكر الدجاجي وأقصي غاباته الآن أن يكون الجاج في متناول الكثيرين على اعتبار أنه غذاء الفقراء والذين سقطوا في المراتب من الطبقة المتوسطة ومع ذلك، فإن هذه الغاية يصعب تحقيقها في الوقت الحالي نظرا لعدة عوامل لا يعرفها إلا حجاج ''الجاج'' وإخوانهم من التجار والفجار لتكون النتيجة في نهاية الأمر مرة ومخيبة للآمال، وهي تحقيق إنسان جديد كما قال الميثاق الوطني المرحوم في مجتمع دجاجي- من دون دجاج!