يستعرض المخرج الجزائري المغترب رشيد بن حاج في فيلمه الجديد "عطور الجزائر"، جوانب هامة متعلقة بتاريخ الجزائر المستقلة، ومرحلة سياسية توصف ب«الحساسة"، وذلك من خلال تطرقه إلى "العشرية السوداء" أو "الحمراء" التي ضيعت فيها البلاد سنوات طويلة قضتها في "الحرب على الإرهاب والتطرف". وتستضيف "قاعة ابن زيدون" ب«رياض الفتح" في العاصمة هذا الخميس بداية من الساعة السابعة مساء، العرض الشرفي الأول للفيلم، وذلك بحضور المخرج والممثلين والفرقة التقنية، بينما يقدم عرض خاص بالصحافة على الساعة العاشرة صباحا. وأنتج الفيلم كل من "الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي" وشركة الإنتاج "نات ديفزيون"، وتحصل على دعم من وزارة الثقافة بعد موافقة لجنة القراءة للصندوق ترقية الفنون والتقنيات السينمائية. وبلغة فرنسية، يروي هذا العمل، وفق بيان "الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي"، قصة مصورة جزائرية تدعى "كريمة" في فترة التسعينات تفارق عائلها وبلدها من أجل متابعة مسارها المهني في فرنسا وتعود لاحقا إلى أرض الوطن حين تعلم أن أباها مريض يحتضر. وتوقظ هذه العودة المفاجئة ذكريات الماضي وقصة فرارها من القهر الأبوي وأشباح الماضي المرفوض، وتكتشف بعد عودتها إلى الجزائر التي تركتها شابة؛ أن البلاد تغيرت كثيرا. ووجدت أن الإرهاب يعيث فيها دمارا وفسادا، وهنا تتجنّد المصورة ضمن مسعى الرئيس الجديد للجزائر عبد العزيز بوتفليقة، من خلال مشروع ‘'الوئام المدني'' الذي يهدف إلى التسامح والتصالح مع الذين صعدوا إلى الجبال وقادوا حربا ضد الدولة والشعب الأعزل. ومن هنا، يؤرخ الفيلم لفترة مهمة جدا من تاريخ الجزائر الحديث، والتي عانى فيها الشعب الجزائري على مدار عشرية كاملة من وحشية "قوى الظلام" التي كانت تدعو إلى "الدولة الشمولية" وترفض الرأي الآخر، منتهجة في ذلك كل السبل والوسائل بما فيها السلاح والمجازر التي راح ضحيتها أكثر من 200 ألف قتيل وفق الإحصائيات الرسمية. وتم اختيار فيلم "عطور الجزائر" للمشاركة في العديد من المهرجانات الدولية المهمة، أولها، مهرجان أبو ظبي الذي ينظم ابتداء من ال 11 إلى العشرين أكتوبر الجاري، بينما يتم تقديمه للجمهور الجزائري قريبا. من ناحية أخرى، ولد رشيد بن حاج سنة 1949 بالجزائر العاصمة، وتحصل على شهادة من مدرسة الفنون لباريس وهو يعيش ويعمل منذ سنوات بروما. وبعد مساره الدراسي، قام بإخراج فيلم وثائقي حول وضعية المهاجرين في بيوت قصديرية قرب مدينة "نيس" ثم التحق بالتلفزة الجزائرية. وأخرج لاحقا فيلما بعنوان "رقم 49" حول مشكل السكن، ثم "لوس" (1989) الذي تم اختياره في مهرجانات "كان" و«يوستن" و«قرطاج" و«وڤادوڤو" وروما وتحصل على العديد من الجوائز. وفي 1993، أخرج "توشيا"، ثم في 1997 "شجرة الأقدار المعلقة" الذي أنتجه "ماركو بيلوجيو" للتلفزة الإيطالية.