تعيش أكثر من 50 ألف نسمة مقيمة بحي سيبوس بعنابة، على وقع مخاطر انفجار وشيك للأنبوب الناقل للأمونياك من مركب فرتيال لإنتاج الأسمدة الأزوتية إلى الميناء، ويبدي السكان تخوفهم الكبير من تكرار حادثة تسرّب كميات هائلة من الأمونياك التي وقعت السنة الماضية. ودق خبراء في الأمن الصناعي بمركب “أسميدال" المسير من قبل الشريك الأجنبي “فرتيال" التابع لمجمع “فيلار مير" الإسباني، ناقوس الخطر جراء احتمال انفجار الخزان الرئيسي لمادة الأمونياك، بسبب تقصير المسيرين الإسبان، الذين يتماطلون في تطبيق إجراءات السلامة، التي تنص عليها وزارة الطاقة والمناجم، بخصوص صيانة أجهزة ضغط البخار والغاز، لانفجار وشيك قد يعصف بكامل إقليم ولاية عنابة، سيما وأن قوة الانفجار، بحسب تصريحات مختصين في المجال البيوكيميائي، تمتد بنحو 50 كلم وتمس كامل بلديات الولاية ال 12 بفعل غازات الأمونياك القاتلة. وكشفت مصادر متطابقة من مجمع “فرتيال" بعنابة أن مسؤولي المؤسسة الجزائرية- الإسبانية، رفضوا المثول لإجراءات المادة 90 / 245 الصادرة عن وزارة الطاقة والمناجم، والقاضية بضرورة إجراء الصيانة الدورية لتجهيزات مختلف الوحدات الإنتاجية للمصانع، ذات الطابع الكيميائي، حيث إن الوحدات الإنتاجية للمركب لم تخضع للرقابة التقنية منذ سنة 1996. وفي هذا الشأن أكدت ذات المصادر، أن الطاقم المسير ضرب عرض الحائط قوانين وزارة الطاقة والمناجم، تفاديا للخسائر التي ستنجم عن التوقف الإضراري، جراء عمليات الصيانة التي تأخد حسب المختصين أزيد من شهرين، حيث يكلف توقف وحدات الإنتاج عن العمل لأجل القيام بأشغال الصيانة يوميا حوالي 400 ألف دولار، ما يعني أن المركب يتكبد خلال شهرين من التوقف خسائر مالية تزيد عن 24 مليون دولار، وهي عائدات يستحيل أن يضحي بها صناع القرار بمجمع “فيلار مير"، لأجل أشغال الصيانة بمصنع فرتيال بعنابة، لا سيما وأن عقد الشراكة لاستغلال هذا المصنع سينتهي السنة المقبلة. وقد أكد أحد خبراء الأمن الصناعي، أن أكبر معظلة حقيقية تطرحها مشكلة، تهرب الإسبان من قضية الصيانة، وهو الخطر الكارثي الذي يشكله الخزان الرئيسي لمادة الأمونياك، حيث أشار بشأنه خبراء جزائريون، إلى إمكانية انفجاره في أي لحظة، كون هذا الأخير الذي يحوي حوالي 20 ألف طن من مادة الأمونياك القاتلة، لا يخضع للرقابة التقنية منذ انجازه سنة 1987، بالرغم من التعليمات الصارمة الصادرة عن الوزارة المعنية. وتفيد المعلومات التقنية المتوفرة، أن من أشرف على إنجاز مصنع “اسميدال" وهم اليابانيون، اشترطوا الرقابة التقنية الدورية لمختلف الوحدات الإنتاجية كل 10 سنوات، فيما حددوا تاريخ الرقابة التقنية للخزان الرئيسي كل 18 سنة، وهو ما لم يتم احترامه من قبل الإسبان، رغم وعيهم التام بمدى خطورة عدم القيام بأشغال الصيانة، التي من المفروض أن تجرى سنة 2006، وفقا لتعليمات وزارة الطاقة والخبراء اليابانيين. تجدر الإشارة في هذا السياق، أن أشغال الصيانة الخاصة بالخزان الرئيسي، تستدعي، بحسب مهندسين، جلب خبراء أجانب مختصين في الصيانة، نظرا لحساسية العملية. كما أشار التقنيون ذاتهم بالمجمع، إلى ضرورة تحرك الجهات المختصة للتحقيق في القضية، خاصة أن إمكانية انفجار الخزان، حسب هؤلاء، أمر وارد نظرا للتكوينة البنيوية للخزان، الذي هو عبارة عن صفائح فولاذية ملحمة بشكل دائري، ما يوحي بإمكانية حدوث ثغرات وثقوب يستحيل احتواؤها، لا سيما وأن خزان الأمونياك يحوي من 17 ألف إلى 20 ألف طن من مادة الأمونياك، وهي كميات كافية وإن حدث أن تسربت إلى الجو، ستتسبب في إبادة 700 ألف نسمة إجمالي سكان ولاية عنابة، طالما أن انفجار خزان الأمونياك، إذا ما نظرنا إلى تحذيرات المختصين، يمتد جوا بنحو30 كلم بشكل دائري. وعلى هذا الأساس يكون وزير الطاقة والمناجم مجبرا على اتخاد قرارات صارمة لإجبار مسؤولي مجمع “فيلار مير"، على احترام القرار 90 / 245 لتجنب الكارثة . وبالمقابل تحرك مواطنون ونشطاء من المجتمع المدني للمطالبة بتدخل السلطات العمومية لتجنيبهم مخاطر الأنبوب الناقل للأمونياك. وفي زيارة الى حي سيبوس المحاذي للمركب الواقع شرق مدينة عنابة، وقفت “البلاد" على بذور “الكارثة" التي تنام عليها المنطقة والأحياء القريبة منها من بلديتي عنابة والبوني، خاصة وأن الأنبوب الناقل للأمونياك السائل من ميناء عنابة إلى مركب فرتيال أتى عليه الصدأ في أجزاء عديدة منه بسبب غياب الصيانة، مع وجود زاوية قائمة شكلها الأنبوب في أحد أجزائه، حيث يغطى هذا المقطع بطبقة سميكة من الثلج، وهو ما يشير إلى وجود تسرب للأمونياك. وأكد رئيس جمعية الإخلاص الاجتماعية لحي سيبوس أنه بادر بلفت انتباه السلطات الولائية من خلال إرسال تقارير تقنية وشكاوى عديدة للمطالبة بالتدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة مع وزارة الطاقة والمناجم لإزالة الأنابيب الرئيسية والفرعية الناقلة، التي تسببت في وفاة أعداد كبيرة من المواطنين في السنوات السابقة، وإصابة آخرين بأمراض مزمنة، كالربو. ويضيف المصدر ذاته أن الأنبوب المار على طول الواجهة البحرية تسبب، بالإضافة إلى النفايات التي يلقيها مركب فرتيال في البحر، في حرمان العائلات من التمتع بثلاثة شواطئ ممنوع السباحة بها.