ليس هذا ما كانت تأمله الشعوب العربية التي انتفضت على الظلم والديكتاتورية، والعيب ليس في التغيير والانتفاضات الشعبية، فلا أحد يمكنه أن يلعن الحرية… باستثناء من ألف العبودية والاستعباد. وما تعرفه الدول العربية من هزات سياسية عقب الإطاحة بأعتى الديكتاتوريين في تاريخ العالم العربي لن يثني الشعوب عن المطالبة بالحرية والتعددية، والذين يعتقدون أن ما بعد الربيع العربي فوضى ودمار يحاولون تبرير تجاوزاتهم وجرائمهم في حق بلدانهم وشعوبهم، لأن الحرية والديمقراطية والتعددية ليست الفوضى، بل إن بقايا أنظمة القمع والقوى المنتفعة من شموليتها هي من تحاول إجهاض أحلام الشعوب في المنطقة. الحاصل في تونس ومصر ليس سقطة، بل هو مقاومة ذاتية لمحاولة الاختراق التي تقوم بها فيروسات من الداخل مدعومة بمن يجتر أذيال الخيبة والهزيمة. ومحاولة إغراق المنطقة في "نظام" من الفوضى ستبوء بالفشل، لأن الشعوب التي خرجت لإسقاط الديكتاتوريات لن ترضى بعودة ظل القمع مهما كان الثمن، وعليه قد نشاهد المزيد من الفوضى والصراعات، وهي مظاهر ستكون مقدمة لحالة من الاستقرار شبه الدائم التي تمنح تلك البلدان مناعة قوية لا يمكن اختراقها. أما ورد الربيع فسيحين موسم قطفه لا محالة، ولن تذهب تضحيات الذين خرجوا لإسقاط التماثيل سدى مهما كانت الظروف، ولا يمكن لخيار شهداء الحرية الذين قتلهم الاستبداد بكل برودة أعصاب أن يكون قرارا خاطئا.