الحكومة تكون قد علمت أشياء على شاكلة ''بوفهامة'' وغابت عنها أشياء! فعندما تقول إن مداخيل البترول والغاز تشكل إلى اليوم في حدود 98% من الصادرات، فإن هذا معناه أن نسبة ما يصدر للخارج لا يكفي لتغطية حليب الأطفال (المستورد) لمليون مولود يلتحقون سنويا بالتعداد العام للسكان والمساكن! وهذا رغم التحاق الجزائر بالمنطقة العربية للتبادل الحر قبل نحو عام، فقد كان يفترض أن تزيد الحصة الجزائرية في تلك السوق بحكم ضعف المنافسة والأولوية للأقربين. وهو ما لم يحدث بالطبع، فإحصائيات التجارة الخارجية تثبت بأن حصة البلاد في أسواق الخارج فلت بعد ذلك! هذا ما تدركه الحكومة التي توزع الريع بتعبير عمنا المرحوم الهاشمي الشريف أيام ''الباكس'' الذي خذله أتباع لويزة حنون فيما بعد أن تروندت (من الأرندي)! ولكن الذي ندركه أن عدد المصدرين عندنا بالمفهوم المحلي كبير جدا، قياسا بدول أخرى صغيرة في الحجم كبيرة في مجال المنافسة، كتونس مثلا وهي بحجم ورفلة تعد الثانية عالميا في تصدير زيت الزيتون والرابعة في تصدير التمور. أو السعودية التي لا تشكل مداخيل البترول إلا 55% من مداخيل البلاد! فالذي ينقل كيلو برتقال أو دجاجة من بوفاريك باتجاه الجزائر الوسطى على مسافة 40 كلم ويبيع الكيلو على التوالي ب 15 ألفا و25 ألفا، يعتبر مع الفلاح والبائع مصدرا من الوسط باتجاه أقصى الشمال! والذي ينقل كيلو تمر من بسكرة يعتبر أيضا ضمن دائرة التجار مصدرا من الجنوب باتجاه الشمال! والسبب أن هؤلاء يحققون في الكيلو نفس الربح أو أكثر لو باعوا ثمارهم للخارج. فثمن البرتقال والجاج والتمر وهلم جرا في تلك الدول تعد أرخص مقارنة بما هو حاصل عندنا إذا صرفنا الدينار بالدولار والأورو مثلا! ومع ذلك فإن أجر العامل الأوروبي والإنجليزي خصوصا يتجاوز على الأقل 30 مرة أجر الجزائري الذي يصوم طول النهار حتى يعود للدار! وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعل الحكومة تغض الطرف عن ممارسات المصدرين الجزائريين للداخل، وتشجعهم سواء بالسكوت أو التواطؤ المفضوح. وهو نفس السبب الذي يجعلها تقيم في كل مرة عيدا لفاكهة عزيزة ولو كانت كالهندي وتمنح من أجلها جائزة لأحسن فلاح أخذ أرضا وقرضا تم مسحه وأحسن واجهة ويا ليتها كانت القاضية!