يبقى الغموض يحيط بقضية انسحاب حوالي 15 مؤسسة عمومية من عضوية منتدى رؤساء المؤسسات، في ظل غياب تصريحات رسمية من طرف ممثلي هذه الهيئة للكشف عن أسباب وخلفيات هذه الاستقالة الجماعية للشركات التي تمثل القطاع العام. ويذهب العديد من المتتبعين والمختصين في الشؤون الاقتصادية إلى الاعتقاد بأن استقالة الشركات العمومية من منتدى رؤساء المؤسسات. يرجع بالمقام الأول إلى المواقف التي تتبناها هذه الهيئة من المستجدات التي يعرفها الوسط الاقتصادي في الجزائر، لاسيما الإجراءات الحكومية الجديدة المنظمة لنشاط الشركات وظروف الاستثمار في الجزائر على حد سواء، بمقتضى قانون المالية التكميلي لسنة 2009 وقانون المالية للعام الجاري، والتي عبّر المنتدى في العديد من المناسبات أنها لا تساعد على تطوير نشاط المؤسسات الاقتصادية وتجاوز العراقيل الميدانية. وفي ظل هذه الظروف يصرح ممثلو منتدى رؤساء المؤسسات بأن استقالة أي عضو من هذه الهيئة طبيعي، حيث أشار نائب رئيس المنتدى هواري عطار أن انسحاب المؤسسات العمومية مشروع على اعتبار أن المنتدى يعتبر جمعية تمنح الحق لكل عضو بالانسحاب في أي وقت، كما يمكن لأعضاء أو مؤسسات أخرى الانضمام إليه بكل حرية، وأكد المتحدث بمناسبة مشاركته في أشغال اليوم الدراسي حول نجاعة المؤسسات أن هدف منتدى رؤساء المؤسسات هو أن تكون قوة اقتراح في سياق تطوير المحيط الاقتصادي في الجزائر وتحسين ظروف عمل المؤسسات. ونفى هواري عطار بالموازاة مع ذلك، أن يكون لمنتدى رؤساء المؤسسات أهداف سياسية، ليضيف أن هذه الهيئة تجمع مختلف المؤسسات العمومية والخاصة، من أجل العمل على جعل هذا الفضاء فرصة لإلقاء الضوء على العراقيل والإشكالات التي تقف أمام تطوير نشاط المؤسسات اقتصاديا، ومن ثمة تقديم الاقتراحات بهذا الشأن إلى الفاعلين والجهات الوصية، في حين قال المتحدث إنه يجهل الأسباب الحقيقية التي دفعت المؤسسات العمومية للانسحاب من عضوية المنتدى بشكل جماعي وفي وقت واحد. ومن جهته كان رئيس منتدى رؤساء المؤسسات رضا حمياني قد صرح في مناسبة سابقة أنه لا يعلم دوافع تقديم المؤسسات العمومية للاستقالة، في حين توقع أن السبب الرئيسي يرتبط بالمواقف التي يتبناها المنتدى بخصوص سياسة الحكومة الجديدة في تنظيم سير مختلف القطاعات الاقتصادية. وفي هذا الإطار، انتقد مؤخرا الإجراءات الأخيرة التي قامت بها الحكومة بشأن السياسة الاقتصادية في العديد من المجالات على غرار تقليص حجم الاستيراد، واعتبرها تدابير من شأنها عرقلة نشاط المؤسسات الوطنية، وقال حمياني خلال لقائه برؤساء المؤسسات إن الإستراتيجية الاقتصادية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقوم على قرارات سياسية فردية، ليشدد تبعا لذلك على ضرورة فتح السلطات العمومية الوصية لأبواب الحوار وإشراك الفاعلين الاقتصاديين في اتخاذ القرارات، في سياق إيجاد الآليات التي تجعل من الأسس التي تسير محيط الاقتصاد ضامنة لمشروع التنمية التي تقوم أساسا على نشاط الشركات المحلية العمومية والخاصة على سواء.