رفض المؤرخ الجزائري أبو القاسم سعد الله مباركة سياسة النعامة المنتهجة حيال الحقائق التاريخية المتعلقة بجرائم الاستعمار. ودعا سعد الله، في اتصال مع ''البلاد''، إلى الإفراج عن المبادرات التاريخية الكفيلة بكشف حقيقة الاستعمار في الجزائر أمام الرأي العام الوطني والدولي. وفيما يشبه محاولة للإلقاء باللائمة على الجانب الجزائري، فضل سعد الله ألا يقتصر المواقف الجزائرية حيال الموروث الثوري على ردود الأفعال، مشيرا إلى أن ثمة تأخرا كبيرا من الجانب الجزائري في مجال تكريس ثقافة الذاكرة الوطنية مما جعل، يقول سعد الله، بعض الفرنسيين من الساسة والنواب وقدماء المعمرين يحرجون الجزائريين في الكثير من المناسبات، متوقعا في هذا الشأن ألا تكون المبادرات الفرنسية الأخيرة حيال الثورة آخر محاولات استفزاز الجزائريين وتكميم أفواه مؤرخيها وصانعي ثورتها من خلال محاولة إحراجهم. وانتقل أبو القاسم سعد ليتساءل عن موقع النواب الجزائريين، في إشارة إلى مشروع القانون الأخير الذي تقدم به النواب لتجريم الاستعمار الفرنسي، قبل أن يعلن زياري أن مشروع القانون ذاته غير مبرمج للدورة الحالية التي توشك على الانتهاء. فيما لم يلمّح زياري إلى ما إن كان مشروع القانون سيحظى بالبرمجة في الدورة الخريفية المقبلة التي ستنطلق في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر. ورغم كل هذا، فضل سعد الله الرجوع إلى المقترح الأول المتمثل في عدم الارتهان حيال واجب الذاكرة بردود الأفعال، داعيا إلى تحمل مسؤولية أداء الواجب من الجانب الجزائري. وقال: إذا لم نتكلم نحن ولم نكشف للعالم ماذا فعل بنا الاستعمار فلا ينبغي أن ننتظر من الفرنسيين فعل ذلك. وعلى الرغم من أن الدكتور سعد الله حاول أن يقيم قياسا بين مبادرة الفرنسيين وبين مبادرة الجزائريين، غير أن الذي فاته ربما هو الفارق في القياس المتمثل في أن حرية المبادرة هناك غير حرية المبادرة في الجزائر، وأن الأداء السياسي في فرنسا غير الأداء في الجزائر، الأمر الذي يفسر إلى حد كبير النشاط غير المسبوق الذي يظهره يمين متطرف في أوساط حزب ساركوزي بفرنسا، وهو التيار نفسه الذي استغفل نواب الجمعية الوطنية الفرنسية وقدم مشروع تمجيد الاستعمار على حين غفلة من أغلبية النواب، غير أن الغفلة التي برر بها شيراك محاولة استداركه خطيئة تشريع قانون يمجد الاستعمار قبل أن يعدل بنده الرابع، لم تعد قائمة بل تحولت إلى سبق وإصرار وعلى مرأى ومسمع من ساركوزي. وفي المقابل، فإن الجانب الجزائري مازال يفضل سياسة الصمت التشريعي والرسمي.