حلت أمس بولاية عنابة، لجنة وزارية رفيعة المستوى مشكلة من مدراء مركزيين وخبراء في علم الآثار للتحقيق حول الأضرار التي لحقت بالموقع الأثري المحمي "القلعة الحفصية" المعروفة بأضرحة "السبعة رقود" بمدينة عنابة، بسبب الأشغال التي تشرف عليها مؤسسة صينية قربه من أجل بناء فندق "شيراطون عنابة". ويأتي تحرك وزارة الثقافة بعد الحركة الاحتجاجية العارمة التي قادها مواطنون ومثقفون ونشطاء المجتمع المدني وحقوقيون، للتنديد بشروع جرافات المؤسسة الصينية المكلفة بإنجاز مشروع فندق "شيراطون عنابة" أمس، في تهديم المعلم التاريخي البارز بالمدينة الواقع في أعلى هضبة ساحة 19 جوان المقابلة للمدينة العتيقة. وذكر مصدر مأذون تحدث ل"البلاد" أن المؤسسة الصينية للأشغال الكبرى المكلفة بإنجاز هذا الفندق "أقدمت على تهيئة فضاء تابع للموقع الأثري قصد إقامة قاعدة حياة خاصة بها". وأوضح أن الفضاء الذي طالته أشغال التهيئة هو "مقبرة قديمة تابعة للأملاك الوقفية بالولاية". ولم يستبعد مصدرنا القيام بإجراءات المتابعة القضائية ضد الشركة الأجنبية أمام محكمة عنابة". ويتربع موقع "القلعة الحفصية" الذي يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي على 13 ألف متر مربع وتم تصنيفه سنة 1978. ويضم الموقع الذي يقع شمال شرق مدينة عنابة، ثكنة ومقبرة قديمتين. وأوضح ناشطون في عريضة طالبت وزارة الثقافة بالتدخل العاجل أن "التراث المحلي بالمنطقة أصبح في خطر بفعل تعرض المواقع الأثرية المصنفة إما للهدم والتخريب أو الإهمال على غرار حادثة اعتداء مافيا العقار على المعلم التاريخي "المدافع" بحي "كاروبيي" وسط المدينة. وظل معلم "سبعة رقود" المتربع على هضبة 19 جوان المطلة على الشريط الساحلي والمقابلة للمدينة العتيقة المعروفة ب"لابلاص دارم"، قبلة للزوار من مختلف ولايات الوطن وحتى الوفود رمزا محليا بارزا يخاصر أسطورة سبعة أشقاء عثرت عليهم والدتهم جثامين متجاورة بعد رحلة روحانية أبعدتهم عن ضجيج المدينة. وتشبه حكايتهم المقتبسة حسب مؤرخين تفاصيل قصة "أصحاب الكهف" المذكورة في القرأن الكريم في سورة نزلت باسمهم، لكن لا أحد يذكر المدة الدقيقة لنوم الأشقاء السبعة ثم العثور عليهم موتى منذ مئات السنين إلى أن توارثتها الأجيال عبر الذاكرة الشعبية. وأوضح رئيس جمعية ترقية الفنون والتراث الثقافي، جلال مناد، أن ما يحدث في المواقع الأثرية الجزائرية لا يدعو للارتياح، مؤكدا أن هناك العديد من المناطق تبقى مجهولة حتى من جانب سكانها وأن الاعتناء بها يبدأ من المنظومة التربوية، حيث دعا إلى إدخال مواد حول التراث الثقافي في المدارس. وطالب المتحدث المتخصص في البحوث حول آثار منطقة الشرق الجزائري، بضرورة جرد المناطق الأثرية والعمل على الحفاظ عليها باعتبارها شاهدا على تاريخ الأمة، مؤكدا أن عمليات الترميم التي تجري غالبا ما تتم بطرق غير علمية، مثلما حصل لقوس كركلا بمدينة تبسّة، والذي غطاه الإسمنت بعد عملية الترميم التي أجريت عليه. ولم يذهب الدكتور فيلاح مصطفى، متخصص بالمعهد الوطني للآثار بعيدا، حيث أكد أن غياب الإمكانيات، لاسيما البشرية منها ساهم في تدهور وضعية المواقع الأثرية، إضافة إلى نقص المتاحف. وأوضح أن المتاحف الحالية لا تستوعب العدد الهائل من الآثار التي تبقى مبعثرة في مختلف المناطق.