يرى الكثير من المراقبين أن رئاسيات ما بعد خمسينية الاستقلال قد تحمل في طياتها تباشير التغيير السلس المطلوب والمنشود شعبيا كما رسميا، خاصة في ظل بلوغ جيل الشرعية الثورية في الجزائر حدوده التاريخية، في ظل هذه المعطيات قد يبرز اسم الأستاذ علي بن فليس ليلتقي الرجل بقدره وقدر الجزائر في هذه المحطة السياسية من تاريخ الجزائر الجديد ليكون فارسا من فرسان رئاسيات 2014 المتوقع أن تكون مفتوحة على التنافس في إطار المتاح والممكن، خاصة إذا تمكن المرشح السابق لرئاسيات 2004 من إتقان دور تمثيل المرحلة التاريخية والإجابة بشكل شاف كاف على السؤال الكبير الذي يطرحه الجزائريون والمتمثل في أي رئيس يريد الشعب للمرحلة المقبلة، هذا السؤال الذي بقدر ما يبدو بسيطا بقدر ما يبدو من الأهمية، باعتبار أن إجابة بن فليس على هذا السؤال سيعبّد له الطريق نحو قلوب وعقول الجزائريين في هذه المحطة السياسية المنتظرة من قبل عموم الشعب للإسهام في دفع عجلة التغيير، مما يجعل من عملية الحوار هذه التي سيفتحها بن فليس مع الشعب دون مقدمات ولا بروتوكلات ورقة قوية في يده لتدعم حظوظه في بورصة الانتخابات، وباعتبار أن بن فليس قد أزيح من على رأس الحزب العتيد بعملية تصحيح أشبه ما تكون بالتصحيح الثوري وأن عودته للحزب للترشح باسم الحزب سيكون أسوأ من تخريجه الاعتراف المتأخر بأن ما حدث في 19 جون 65 لم يكن تصحيحا ثوريا، فإن بن فليس محكوم بالترشح حرا وهذا الخيار بقدر ما يبدو نقمة على الرجل بقدر، ما يبدو نعمة على اعتبار أنه من السابق لأوانه احتضان قصر المرادية نزيلا حزبيا كما هو معروف في أبجديات السياسة في الجزائر، مما يعني أن الترشح الحر سيشكل عند بن فليس أقرب المسالك إلى عرش القاضي الأول في البلاد وهذا الترشح الحر هو نفسه لن يكون كافيا لينتزع بن فليس تأشيرة دخول القصر والتربع على عرشه إذا لم يكن هذا الترشح بمثابة المنزلة بين منزلتين حسب ما يرى مراقبون للشأن السياسي في الجزائر، ذلك أن بن فليس مدعو حسب هؤلاء إلى أداء دور التجسير بين هاتين المنزلتين وتقريب هذه من تلك دون إلغاء كينونة وحدود المنزلتين وهما منزلتي المعارضة والموالاة، ليكون بن فليس خيارا ثالثا بين خياري استصحاب الحال والقطيعة وهو خيار التغيير في إطار الاستمرارية، لكن فعلا لا شعارا وتحقيقا لا تعليقا من خلال دعوة المعارضة والسلطة إلى كلمة سياسية سواء سيكون بن فليس نقطة تقاطع الخطين المتوازيين.. هذا السيناريو يرى مراقبون أنه السيناريو النموذج، غير أنه سيناريو لا يمكن أداؤه على خشبة المسرح السياسي من قبل كافة المترشحين الذين أعلنوا عن نواياهم والذين ينتظرون ويترقبون ذلك أن بن فليس وإن مارس السلطة والموالاة، إلا أنه أبقى خط الرجعة مع المعارضة وتمكن من أن يجر وراءه هذه المعارضة في 2004 وهو مرشح حزب المولاة، مما يعني أن الأقرب إلى تمثيل هذا السيناريو، حسب ما يرى المتتبعون هو بن فليس ذاته.