40 ألف جزائري في بريطانيا أغلبهم في لندن افتتاح المعهد البريطاني للغة الإنجليزية السنة القادمة الجزائر قامت بإصلاحات سياسية مهمة للغاية تحدث السفير البريطاني في الجزائر، السيد مارتن روبر في حوار ل«البلاد"، عن عدة مواضيع هامة على رأسها تطوير العلاقات البريطانية الجزائرية، ومسألة تنقل الأشخاص بين البلدين إضافة إلى العلاقات الاقتصادية والسياسية الهامة التي تجمع الجزائرولندن، دون إغفال تشجيع تعليم اللغة الانجليزية بالنظر إلى الإقبال الكبير على تعلمها في الجزائر. بداية كيف تقيّمون مستوى العلاقات بين الجزائر وبريطانيا؟ أعتقد أن العلاقة بين البلدين انتعشت كثيرا مع زيارة الرئيس بوتفليقة إلى لندن سنة 2005، وكانت زيارة مهمة جدا، ثم بعد ذلك جاءت زيارة دافيد كاميرون في جانفي وكانت أول زيارة لرئيس وزراء بريطاني للجزائر. وأعتقد أنه في السنتين الأخيرتين شاهدنا ارتفاعا في عدد الزيارات المتبادلة من قبل المسؤولين على مستوى البلدين. ذالك أن الجزائر بلد مهم بالنسبة للملكة المتحدة على مستويات عدة منها الأمني والتجاري واللغة الإنجليزية. أنا متفائل بالمستقبل، خاصة أن هناك مجموعة من المجالات التي يمكن التعاون فيها، وأعتقد أن العلاقات ستتطور مع مرور الأيام. ما هو عدد الطلبة الجزائريين حاليا في بريطانيا؟ وما دور السفارة لرفع عدد الطلبة وما هي التخصصات المقترحة؟ وهل بإمكان بريطانيا تقديم منح للجزائريين للدراسة بجامعاتها؟ للأسف فقدنا العلاقة مع الجامعات الجزائرية بعد سنوات التسعينيات. وعدد الجزائريين الدارسين في الجامعات البريطانية والمدعومين من طرف السلطات الجزائرية يبقى ضعيفا. هناك الآلاف من الجزائريين الذين يدرسون في بريطانيا على حسابهم الخاص. ونحن بصدد الحديث عن ذلك مع وزير التعليم العالي من أجل إيجاد برنامج يسمح برفع عدد الطلبة الذين يرسلون من طرف السلطات الجزائرية الى بريطانيا للدراسة، علما أن عدد هؤلاء كان مقبولا في السابق وهناك العديد من الإطارات الجزائرية التي تخرجت من أرقى الجامعات البريطانية. هدفنا في الجزائر أولا هو الاتفاق مع وزارة التعليم العالي من أجل إرسال عدد أكبر من الطلبة الذين تبعثهم السلطات الجزائرية من أجل الدراسة في الجامعات البريطانية. وفيما يخص طلبة الدراسات العليا الذي يحضَرون لأطروحات، فإننا نعمل على إيجاد طريقة تمكنهم من إكمال أطروحاتهم في المملكة المتحدة في نظام يسمح لهم بإتقان اللغة الإنجليزية. هذا الأمر نحن بصدد مناقشته مع وزير التعليم العالي، وأرجو أن يعرف تقدما في السنوات المقبلة. ثم هناك برنامج "شيبني"، وهو نظام معروف وفعال. هناك العديد من السفارات الأجنبية في الجزائر اتخذت قرارات تخفف من إجراءات الحصول على التأشيرة، فهل اتخذت أو ستتخذ السفارة البريطانية هكذا قرارات لتسهيل الحصول على التأشيرة؟ الحصول على تأشيرة المملكة يتم من خلال مجموعة من المعايير والشروط إذا كانت مستوفاة ولا نرى داعيا لرفض التأشيرة ونحن لا نتعامل بنظام الكوطة، لكن العملية ينظر إليها من زاوية الشروط والمواصفات التي يجب توفرها في طالب التأشيرة، والسفارة تمنح ما بين 12 و14 ألف تأشيرة كل عام. والشروط والمواصفات عالمية وهي موحدة في كل سفارات العالم، ولا يوجد اختلاف بين الدول، والذي يستجيب لهذه المعايير يستفيد من التأشيرة بغض النظر عن البلد الذي قدم فيه الطلب أو الجنسية التي يحملها. والآن يتم الرد على طلب التأشيرة في ظرف 15 يوما. هل هناك تسهيلات ما لفئات معينة؟ كما ذكرت لكم يوجد نظام عالمي وعام نعتمده، وهو من مهام وزارة الداخلية التي تشرف على هذا الأمر، لكن هناك نقاش بين وزارتي خارجية البلدين، فيما يتعلق بتأشيرات مواطني البلدين. يدور حول كيف يمكننا العمل مع بعض من أجل جعل نظام البلدين أكثر سهولة، ويمكننا أيضا من البقاء أوفياء لنظام كل بلد تجاه الآخر، فالنقاش مستمر، لكن لا يمكنني إعطاء أكثر تفاصيل. هل يمكن أن نطلع على الإجراءات المتخذة من أجل تعميم تعليم اللغة الإنجليزية في الجزائر؟ نحن واعون بالطلب الكبير للجزائريين على اللغة الإنجليزية، ونعتز بما قمنا به من مجهودات في هذه السنة. وبالرغم من عدم وجود مدارس للحكومة البريطانية، هناك دعم من طرف المجلس البريطاني للمدارس الخاصة. وسيقوم المجلس البريطاني بفتح المعهد البريطاني للغة الإنجليزية العام المقبل بعد القرار الذي اتخذه كاميرون في زيارته الأخيرة. كما أن هناك برنامجا جيدا مع وزير التربية الجزائري من أجل تكوين أساتذة في اللغة الإنجليزية، يشمل 87 مفتشا جزائريا من أجل التكوين. إضافة الى أنني سأشرف اليوم الأحد على افتتاح الجمعية العامة للمفتشين في البليدة من أجل استمرار هذا التكوين. ونعمل أيضا مع غرف التجارة، حيث يوجد برنامج لدعم 4 غرف تجارة في كل من الجزائر وعنابة وهران، ومن أجل فتح مراكز للغة الإنجليزية بدعم من المجلس البريطاني، مع تعاوننا مع مجموعة من الشركات التي توفر لنا الدعم المالي من أجل العمل أكثر من الماضي في هذا المجال خاصة عدد الجزائريين في بريطانيا بلغ أربعين ألفا أغلبهم في لندن. العلاقات التجارية بين البلدين تبقى ضعيفة، ما هي الإجراءات المتخذة لدعمها وترقيتها؟ أنا مسرور بعد تعيين كاميرون ممثلا عن التعاون التجاري في الجزائر، وتعيين الرئيس بوتفليقة ليوسفي عن الجزائر لمتابعة ملف التجارة مع بريطانيا. والهدف من هذا الإجراء هو دعم العلاقات التجارية بين البلدين، خاصة أن التعاون في هذا المجال يبقى ضعيفا، وكذلك بالنسبة للصادرات البريطانية التي تبقى ضعيفة تجاه الجزائر. لكن هناك إرادة قوية لدى البلدين لتطوير التعاون في هذا المجال، حيث يعرف تقدما ملحوظا. فمثلا، نحن بصدد تشجيع الشركات الدولية البريطانية من أجل الاستثمار في الجزائر للرفع من الحضور البريطاني في الجزائر. أرى أنه لا بد من إقناع المستثمرين البريطانيين بالاستثمار في الجزائر من خلال تحسيسهم بأهمية زيارة الجزائر واستقراء الوضع الاقتصادي، وهو الهدف الذي نسهر على تجسيده خاصة أن رقم أعمال الاستثمار البريطاني في الجزائر يبقى ضعيفا. هل تشكل قاعدة 51 / 49 عائقا بالنسبة إلى المستثمرين البريطانيين؟ أعتقد أن القاعدة قرار سيادي للسلطة الجزائرية لتحديد شروط الاستثمار، وما علينا إلا احترامه والتأقلم معه، ما أقوله للمستثمرين البريطانيين هو إنه يمكنهم التأقلم مع القانون، وأرى الكثير من الشركات الأجنبية التي تأقلمت مع هذا القانون، وبعض الشركات البريطانية تأقلمت هي الأخرى خاصة الشركات المختصة في المواد الصيدلانية التي استثمرت مع شركاء جزائريين، ولم يجدوا حرجا في إنشاء شركات ثنائية ناجحة ومن شأنها تشجيع غيرها من الشركات الأخرى. كيف ترى مستقبل نشاط "بي بي" في الجزائر، خصوصا أمام الشروط الكبيرة التي طلبت توفيرها ؟ لست مخولا للحديث عن الشركة، لكن ما أستطيع قوله هو أن هجوم تڤنتورين، كان أمرا فضيعا بالنسبة إلى المملكة المتحدة والشركة، خاصة أنه تسبب في مقتل 5 من الرعايا الذين كانوا يشتغلون في القاعدة، لكن الشركة لازالت ملتزمة تجاه الجزائر وستستمر في عملها. كما أن هناك نقاش بين الشركات البترولية والسلطات الجزائرية من أجل تعزيز الإجراءات الأمنية بعد ما حدث. لذا، فالموضوع خاضع للعديد من الموازنات، حيث لابد من توفير الضمانات من أجل الاستمرار في العمل، وعليه قد يكون الأمر صعبا من أجل جلب الأجانب للعمل في الداخل. والجواب المهم بعد تڤنتورين هو أن العمل مستمر و«بي بي" لازالت ملتزمة في الجزائر، لكن لابد من وجود نقاش حول الأمن من أجل إرضاء الطرفين. فيما يتعلق بملف رجل الأعمال الجزائري عبد المؤمن خليفة الهارب من العدالة الجزائرية والمتواجد في بريطانيا حاليا، ألا تعتبر عدم تسليمه إلى الجزائر قد أعاق سير القضية؟ هي قضية أمام القاضي البريطاني، وكما تعلم أن نظام القضاء البريطاني مستقل 100 بالمائة، بالتالي لا يمكنني التعليق حول هذه القضية، حتى يتم الفصل فيها من طرف القاضي. كيف تقيّمون سير الديمقراطية وحقوق الإنسان والوضع السياسي في الجزائر؟ الجزائر تستحق الكثير من الاحترام نظرا للتقدم الذي عرفه البلد بعد ما عاشته في التسعينيات، والذي عرف تقدما كبيرا ونحن ندعم ما قامت به الجزائر، وهو ما لاحظته شخصيا. كيف تقيّمون مستوى التعاون الأمني بين البلدين وما هي خلفيات زيارة كامرون للجزائر خصوصا أنها جاءت غداة اعتداء تڤنتورين؟ أقول إن الميدان الأمني ميدان مهم بين البلدين، حيث اعتمدنا بعد زيارة كامرون ميكانيزما جديدا يسمى التعاون الإستراتيجي الأمني بين البلدين، وكان أول لقاء في لندن جمع بين الوزير عبدالقادر مساهل والمستشار الأمني لرئيس الوزراء البريطاني. وسيتبعه لقاء ثان سيكون في الجزائر في نوفمبر القادم. وفي التعاون الأمني بين البلدين هناك تقارب في السياسات، خاصة فيما يتعلق بتجريم دفع الفدية لتحرير الرهائن المختطفين من قبل الجماعات الإرهابية أو غيرها، حيث نعمل مع الجزائر على المستوى الدولي حول هذا الموضوع. السلطات الجزائرية اتخذت إجراءات أكثر صرامة بعد هجوم تڤنتورين، على الحدود والقواعد الاقتصادية وهذا في غاية الأهمية ومن حقها أن تفعل ذلك. أما زيارة كامرون بعد تڤنتورين، فهي طريقة للتعبير عن الوقوف الى جانب الجزائر في وجه الإرهاب. وهو مهم بالنسبة لكامرون للمجيء الى هنا والقول إننا بجانب الجزائر. خاصة أن البلدين لهما خبرة في محاربة هذه الظاهرة، بعد الإرهاب الذي عرفته إيرلندا الشمالية في سنوات الستينيات والسبعينيات. لكن الزيارة مست مختلف الميادين، وليس الميدان الأمني فقط، كما كانت فرصة لتدعيم العلاقات. ما هي نظرة المملكة المتحدة للوضع العام في الجزائر؟ الجزائر لديها شكوك حول ما يقع في المنطقة. وكما نعلم أن أمن الجزائر مهم جدا، ومن المهم أن تبقى الجزائر مستقرة سياسيا واقتصاديا، وهذا بالنسبة لاستقرارها ولاستقرار المنطقة. والجزائر لها خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب، ومن المهم وجود تعاون بينها وبين البلدان الأخرى، وهو ما ندعمه ونعتقد أنها دولة محورية في المنطقة من أجل التعاون الأمني في المنطقة. ونرجو أن تلعب الجزائر دورا مهما في هذا المجال. ما هي قراءتكم للربيع العربي؟ نعتقد أن الأجيال هي التي ستسوعب ما حدث، فلا يمكننا استخلاص النتائج في الحين، وبالتالي الحكومة البريطانية ترى أنه لا بد من التحلي بالصبر وعدم الاستعجال لإصدار أحكام حول ما حدث. من جهة أخرى يمكننا دعم هذه البلدان من القيام بإصلاحات وهي أحسن طريقة لضمان الأمن. فالموضوع يتطلب الكثير من الوقت. إذ إن المطالبة بالعدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية شيء جيد لكنه يتطلب الكثير من الصبر. رفض البرلمان البريطاني التدخل العسكري في سوريا فما هو الحل في نظركم؟ الوضعية صعبة جدا، لكن المملكة المتحدة لاتزال مقتنعة بأن نظام الأسد كان مسؤولا عن الهجوم الأخير. ولا بد من إجابة مقنعة منه حول ما حدث، خاصة بعد تقرير الأممالمتحدة الذي يثبت أن النظام هو المسؤول، إذا أخذنا في الاعتبار الصواريخ المستخدمة. بالنسبة إلينا الأدلة واضحة ومقنعة بأن النظام هو المسؤول. وننتظر الاتفاق بين روسيا والو.م.ا. لكننا نعتقد أن مجلس الأمن لا بد أن يتكفل الآن بهذا الأمر. رفض البرلمان البريطاني التدخل العسكري البريطاني في سوريا، هذا القرار الذي تحترمه الحكومة، خاصة أنه يعكس توجهات الرأي العام البريطاني بعد ما حدث في العراق، وهو أثار ردود أفعال لدى الرأي العام. من جهة أخرى قرار البرلمان البريطاني لا يعني أن بريطانيا لا يمكنها أن تكون قريبة من القضية السورية. فنحن ثاني أكبر متبرع إنساني، حيث قدمنا أكثر من 400 مليون إسترليني إعانات إنسانية، ونشارك في السياق السياسي من أجل إيجاد الحل. لكن من الواضح أن بريطانيا لن تكون متواجدة في التدخل العسكري. ألا ترون أن القرار يجب أن يتخذ في إطار في الأممالمتحدة؟ بالنسبة إلينا هناك الوضعيات الإنسانية الخطيرة التي يمكن في ظلها إعطاء الحق لدولة ما اتخاذ الإجراءات العسكرية ضد دولة أخرى من باب الحماية. وهو ما قد لا توافق عليه بعض الدول، لكن المملكة المتحدة تساند هذا الأمر. ونرجو أن يستخدم الاتفاق الأمريكي الروسي من أجل تشجيع الحوار بين نظام الأسد والمعارضة. لكن المعارضة في سوريا لا بد أن تقوم بدور من أجل إيجاد الحل، لا أن تبقى في اعتقادها أن الحل في سوريا هو الاستمرار في الحرب. كيف تنظرون إلى ما يقع في مصر، انقلاب أم إصلاح ومواصلة مسار ثورة؟ نددنا وبشدة قتل المتظاهرين، كما نددنا بالاعتداءات التي وقعت ضد الكنائس ومؤسسات الدولة. لا بد من إيجاد حل سياسي من خلال الانتخابات التي يتم من خلالها مشاركة كل التشكيلات السياسية دون إقصاء أي طرف، إذا كانت هذه الأحزاب سياسية لا تدعم العنف. وبالنسبة إلى مالي وليبيا؟ نعتقد اأ مالي قامت بخطوة الى الأمام بعد الانتخابات التي جرت في البلد، ولا بد على المجتمع الدولي أن يدعم مالي في هذا الظرف، خاصة مع استمرار التهديد الإرهابي، الذي لا بد من الحصول على جواب حوله. وعلى مالي أن يبقى حذرا في مكافحة هذا الخطر الذي يتطور في المنطقة. وليبيا كذلك تحتاج الى دعم دولي لبناء مؤسساتها، ونحن في بريطانيا سنسشارك في تكوين قوات أمنها لعل ذلك يساهم في عودة الاستقرار الى هذا البلد.