بعدما كان مجرد نقاشات خافتة خلال الشهور الأخيرة، بدأ موضوع "مشروع قانون لتقنين زراعة القنب الهندي في المغرب" يأخذ طابعا شبه رسمي، لاسيما وأنه وصل إلى قبة البرلمان في المملكة من أجل تمريره، ويصبح ساري المفعول، مما يهدد الدول المجاورة وخاصة الجزائر بإغراق كبير من هذه المواد المخدرة والمحظورة في دول العالم. وحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن هذا القانون أقرب من أي وقت مضى لأن يصبح أمرا واقعا، حيث تضغط العديد من الجهات من بينها أحزاب وجمعيات مغربية منذ شهر ماي الماضي من أجل تبنيه تحت ذريعة "استخدامه في إنتاج الأدوية التي تدخل في علاج بعض الأمراض"، وهو ما يمكن أن تذعن له الحكومة لأنه يشغل ما يفوق المليون شخص بمنطقة الريف التي تعتبر أكثر المناطق فقرا في المغرب. وأضافت الصحيفة أن المزارعين متحمسون لهذا القانون، نظرا لما سيوفره لهم من مداخيل إضافية تزيل عنهم الصعوبات المالية التي يعيشونها حاليا، بسبب عدم تمكنهم من توفير الموارد المالية من النشاطات الزراعية الأخرى التي يزاولونها حاليا. ولا يعرف كيف سيتعامل المغرب مع الاتفاقيات الدولية التي أبرمها مع المنظمات الدولية وعلى رأسها هيئة الأممالمتحدة التي فرضت عليه في السنوات الماضية انتهاج سياسة حازمة إزاء زراعة المخدرات وخاصة القنب الهندي الذي يعتبر الأكثر انتشارا في المملكة، ويمثل ما نسبته 72 من هذه المادة المنتشرة عبر العالم، لكن الأطراف المغربية التي تقف خلف المشروع تقول إن فائدته على المستوى المالي كبيرة جدا، حيث رجحت تقديراتها أن المبيعات السنوية من هذه المادة ستبلغ 10 مليار دولار، من شأنها أن تطور مستوى الحياة في مناطق الريف التي تعاني من الفقر والحرمان، فسعر الكيلوغرام الواحد من القنب الهندي يبلغ 1800 دولار. هذا الاتجاه الحكومي نحو الاعتراف بزراعة القنب الهندي، قالت "لوموند" إن بوادره بدأت منذ سنة 2008، حين بدأ الناشط الحقوقِي شكيب الخيَّارِي، في التطرق إلى الموضوع، حيثُ أُدِين سنة 2009 بثلاث سنوات سجنا نافذا، وبغرامة ثقيلة بلغت 753 ألفا و930 درهما، بتهمة إهانة مؤسسات الدولة، بعدما تحدث في روبورتاح أنجزه التلفزيون الفرنسي حول المخدرات في مغرب عن ضلوع مسؤولين بمؤسسات الدولة المغربية في شبكة لتهريب المخدرات. هذا الحكم رفضته منظمة "هيومان رايتش ووتش"، حينها، واعتبرته سياسيا، إلى أن بدات ما تعرف باحتجاجات "الربيع العربِي"، فتم إطلاق سراح الخياري بعد ضغوط مارسها الشارع على نظام المخزن من أجل اطلاق سراح معتقلي الرأي. وحول الموضوع نفسه، كشفت مجلة "جون افريك" أن حزب الأصالة والمعاصرة هو من يقود هذه الحملة من أجل تقنين زراعة القنب في البلد، حيث دعت عضوة البرلمان عن هذا الحزب خديجة رويسي إلى "نقاش وطني حول تقنين إنتاج القنب، لأنه لا يمكننا أن نواصل تجاهل الواقع". ولم تقتصر الحملة على هذا الفصيل السياسي فقط، بل وصلت الى غاية حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية حاليا، فقد أبدى النائب عنه في البرلمان عبد الحليم علاوي "ضرورة النظر الى الاستعمالات الطبية لهذه النبتة في تطوير الصناعة الصيدلانية، وفي جلب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال". وتأتي هذه الأخبار المقلقة حول سلوك السلطات المغربية اتجاه انتاج المخدرات بعد أيام قليلة من ضبط حراس الحدود الجزائريين كميات كبيرة من مختلف أنواع المواد المخدرة والتي كانت موجهة للترويج على التراب الوطني. وحسب إحصائيات قدمتها مصالح المديرية الجهوية للجمارك في تلمسان قبل أيام، فإن عصابات التهريب تمكنت من تمرير ما يفوق 23 طنا و42 كلغ من الكيف المعالج منذ بداية السنة الجارية. فيما تم تسجيل آخر عملية حجز على مستوى الشريط الحدودي في ليلة السبت إلى الأحد والتي مكنت من ضبط 8.67 قنطار من الكيف المعالج قادمة من المغرب، حسب بيان المديرية. وقد تم ضبط هذه الكمية من المخدرات على متن سيارة ووفق المصدر ذاته، فإن هذه العملية تعد الواحدة والثلاثين منذ بداية السنة الجارية 2013.