مواجهات مسلحة بطرابلس وانفلات أمني في بنغازي قبيل الحوار الوطني - أعضاء حكومة زيدان يرسمون صورة قاتمة للوضع الأمني والعسكري شهدت مشادات كلامية بين رئيس المؤتمر الوطني العام "البرلمان" في ليبيا نوري أبو سهمين وبعض أعضائه، بعد سلسلة من الجلسات الصاخبة، مما جعل المؤتمر يستدعي رئيس الحكومة الانتقالية علي زيدان، ووزراء الدفاع والداخلية والعدل، ورئيس أركان الجيش ومدير المخابرات، لمناقشة الملف الأمني لمدينة بنغازي، التي تشهد غضبا شعبيا بسبب تصاعد عمليات استهداف الشخصيات العسكرية والأمنية في المدينة من قبل مجهولين. وألغى المؤتمر، الذي يعتبر أعلى هيئة سياسية في البلاد، بأغلبية 72 صوتا التفويض الممنوح لرئيسه نوري أبو سهمين بممارسة صلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي، كما وافق على تشكيل لجنة لدراسة الأحداث التي يمكن أن يجري فيها تفويض أبو سهمين، الذي اضطر إلى رفع الجلسة الصباحية أثناء مناقشة بند تفعيل قرار المؤتمر بشأن دمج التشكيلات العسكرية والأمنية، وإلغاء تكليف غرفة ثوار ليبيا بتأمين العاصمة طرابلس. وكان زيدان اتهم أعضاء في هذه الغرفة، بالإضافة إلى ما يسمى ب "لجنة مكافحة الجريمة"، بالتورط في عملية اختطافه من مقر إقامته الشهر الماضي بأحد فنادق العاصمة، تحت تهديد السلاح، واحتجازه لمدة سبع ساعات متواصلة لإجباره على تقديم استقالته من منصبه. وسعى أعضاء في المؤتمر والحكومة إلى معاقبة هذه الغرفة عبر حلها، فيما يحذر مسؤولون آخرون من أن ذلك قد يؤدي إلى حدوث انفلات أمني كبير في طرابلس. ورفع أبو سهمين، رئيس المؤتمر، الجلسة الصباحية لمدة 15 دقيقة، بسبب ما وصفه بعدم الانضباط من قبل بعض الأعضاء، لافتا إلى أن الأمر حال دون قدرته على تسيير الجلسة بشكل طبيعي. كما انسحب أعضاء من المؤتمر بشكل مفاجئ قبل قرار أبو سهمين برفع الجلسة، في تطور يعكس تدهور العلاقات بين الطرفين. ومن جانبهم، رسم أعضاء حكومة زيدان صورة قاتمة للوضع الأمني والعسكري والقضائي في البلاد، حيث كشف وزير العدل صلاح الميرغني عن تعرض أعضاء الهيئات القضائية للتهديدات، مما يعوق تحقيق العدالة والبت في القضايا الجنائية، فيما اعتبر اللواء عبد السلام العبيدي، رئيس الأركان، أن من أبرز المشاكل التي أعاقت قيام الجيش الليبي مشكلة تشكيل وحدات عسكرية في السابق على أساس قبلي جهوي طائفي، ودعمها بالأموال الطائلة. وقبل ذلك، أعلن زعماء حركة ليبية تسعى لحكم ذاتي من جانب واحد عن تشكيل "حكومة ظل" في شرقي البلاد الذي يشهد اضطرابات أمنية متكررة، وذلك بالتزامن مع انطلاق الاجتماعات التحضيرية لحوار وطني يعالج جملة من القضايا التي تعاني منها ليبيا بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي. وقال أنصار للحركة إن زعماء اجتمعوا في بلدة أجدابيا الصغيرة القريبة من ميناء البريقة لإعلان حكومة تتمتع بالحكم الذاتي، وأطلقوا عليها حكومة برقة. وبثت قناة تلفزيونية ليبية لقطات لتأدية أكثر من عشرين وزيرا اليمين على منصة مزينة بما يسمى "علم برقة" وانضم إليهم إبراهيم جضران، وهو قائد سابق لقوة حماية النفط المسؤولة عن حراسة منشآت نفطية في ليبيا. أما رئيس الوزراء فيما يسمى "حكومة برقة" فكان عبد ربه البرعصي الذي كان قائدا بالقوات الجوية وانشق عن الحكومة. ووصفت وكالة "رويترز" الإعلان عن "حكومة الظل" بأنها ضربة رمزية للجهود التي تبذلها حكومة طرابلس لإعادة فتح مونئ وحقول النفط الشرقية التي أغلقتها مليشيات وقبائل تطالب بنصيب أكبر من السلطة والثروة النفطية منذ الصيف. من ناحية أخرى، تحدثت تقارير عن سماع أصوات إطلاق نار كثيف ونيران أسلحة مضادة للطائرات في وقت مبكر أمس، في منطقة سوق الجمعة بالعاصمة الليبية طرابلس، وهي المنطقة التي كانت مركزا للمقاومة ضد الرئيس الراحل العقيد معمر القذافي بعد امتداد الثورة ضده من الشرق ووصولها إلى العاصمة. وقالت التقارير إن دوي إطلاق النار استمر بشكل مسموع حوالي ثلاث ساعات، ونقلوا عن مصدر بمليشيا لها روابط بالحكومة أن قتالا نشب بين مليشيات بمنطقة سوق الجمعة بشرق طرابلس، بدون ذكر مزيد من التفاصيل. وأظهرت صفحة على فيسبوك سيارتين محترقتين قالت إنهما من موقع الاشتباكات. وفي بنغازي بشرق البلاد، قال سكان إن عشرات الأشخاص تظاهروا احتجاجا على ظاهرة الاغتيالات والتفجيرات واستهداف ضباط الجيش والشرطة وتدهور الوضع الأمني، وأحرق المحتجون إطارات للسيارات في بضع مناطق بالمدينة وطالبوا باستقالة حكومة رئيس الوزراء علي زيدان والبرلمان.