لا تزال رحلة المعاناة متواصلة لدى العديد من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل بالمدية مع مشكل السكن، فعلى الرغم من الحصص المعتبرة التي تحصلت عليها ولاية المدية ببلدياتها الأربعة والستين خلال الخماسي الأول والثاني، إلا أن كل هذه الحصص وبكل أنواعها من اجتماعي إلى تساهمي إلى بناء ريفي لم تتمكن بعد من القضاء على أزمة السكن، لأسباب عدة كان من أهمها مشكل التوزيع!... والذي غالبا ما يدرج ضمن المستفيدين أناس من ذوي المال والنفوذ والجاه ممن ليسوا في حاجة لسكن بينما يقصى أناس هم في أمس الحاجة لبيت يقيهم قر البرد وحر الصيف. هذا وما تزال عائلة نشادي التي تقطن ببلدية جواب 120كم شرق المدية تأوي مع كل ليل إلى غرفة أشبه ما تكون بالغار أو الجحر الذي تأبى أي نفس عزيزة أن تأوي إليه، وهذا منذ أزيد من عشرين عاما بسبب غياب منزل لائق يجتمع فيه الأب مع أفراد عائلته المتكونة من 6 أفراد والذين توجد من بينهم فتاة معاقة حركيا، فهذه العائلة البسيطة تقطن في محتشد ضيق شبيه بالكوخ الذي لايتوفر على أدني ضروريات الحياة، بل أصبح مجمعا لكل أشكال المخاطر والأوبئة فلا مرحاض ولاماء ولا كهرباء، وأصبح منطق المناوبة يفرض نفسه في كل شيء، الأكل ..النوم.. الطهي..... كما أن العثور على فأر أو ثعبان في زاوية من زوايا هذا الكوخ لا يعتبر حدثا أو قضية تثار فالفئران والثعابين باتت أنيسا لعائلة نشادي بسبب الثقوب والمنافذ الكبيرة التي خلفتها الأمطار بسقف هذا الكوخ. وبالرغم من المراسلات والشكاوى العديدة التي وجهها أفراد عائلة نشادي إلى الجهات الوصية، إلا أن وضع دار لقمان لاتزال على حالها، بل إن الأمور زادت تفاقما بعد اللقاء الذ ي جمع رب العائلة برئيس دائرة السواقي، حيث كانت الصدمة كبيرة بعد أن صرح له هذا الأخير أنه لايحق له الاستفادة من منزل بحكم امتلاكه سجل تجاري وهو ما لم يتحمله الأب، كون السجل التجاري يتعلق بسيارة أجرة قديمة يمتلكها هذا الأخير ليعيل بها أفراد عائلته، باعتبارها مصدر رزق العائلة الوحيد، هذا مابات يحتم عليه إما التخلي عن مصدر رزقه نظير دراسة ملفه فقط أو البقاء في جحر لايليق أن يكون مسكنا لجزائري في عام . 2010 أربعة وعشرون فردا في مرأب ومستفيدون لم يدخلوا شققهم منذ 2004 حال مماثل أو اكثر كارثية ذلك الذي تعيشه عائلة شاقور بمدينة عين بوسيف، والمتكونة من أربعة وعشرين فردا موزعة على أربع عائلات، إلا أن هذه العائلة كانت تقيم مؤقتا عند أحد الأقارب منذ سنوات على أمل أن يتم منحها سكنا عام ,2004 وزعت السكنات آنذاك وضمت القائمة أسماء من ذوي الدخل المرتفع ومقاولين وغيرهم إلا أنها خلت من اسم شاقوري. تواصلت عمليات توزيع السكنات من حصة إلى أخرى ومن حي إلى آخر دون أن تعرج على اسم شاقوري. وبعد مدة من الانتظار اضطرت عائلة شاقوري إلى الرحيل إلى مرآب وسط مدينة عين بوسيف لاستئجاره والسكن فيه، وماعلى القارئ إلا تخيل مدى المعاناة، مرآب مظلم بلا مرحاض وجدران الشقق التي تفصل بين العائلات الصغيرة ''قطعة قماش'' وأم وأبنائها وبناتها ممن لم يتزوجوا بعد في ركن لوحدهم، ما دفع بالصبية إلى المبيت في الخلاء تحت كل الظروف الطبيعية. غير أن افراد هذه العائلة المتكونة من أربعة وعشرون فردا والتي لم يكن يعلم بحالها أحد، نظرا لأخلاق أبنائها ولإيمانها بأن الرازق هو الله، اضطرت نهاية الأسبوع الفارط إلى الخروج عن صمتها وافتراش البلاستيك أمام مقر البلدية معلنة بذلك حالة من العصيان ورفضا لبقاء حالها على ماهو عليه، خاصة وأن كل أفراد هذه العائلة لهم ملفات سكن ولم يتم دراسة ملفاتهم في الأصل. بينما استفاد أناس ممن لا يملكون حق الاستفادة بسكن اجتماعي وأناس لم يدخلوا سكناتهم منذ عام ,2004 تاريخ استلامها- ومنهم من باعها ليقتني سيارة وآخرين أرادوها أن تكون مصدر رزق لهم عن طريق تأجيرها ب8000 دينار للشهر الواحد . وأمام هذا الوضع بات لزاما على المعنيين ضرورة فتح تحقيق حول المستفيدين من سكنات اجتماعية الذين يستغلوا هذه الاستفادة لأشياء اخرى كالإيجار أو تحويلها إلى مكاتب خدمات عمومية أو غيرها.