قانونيون وسياسيون: "التناقض في وثيقة رسمية غير مقبول ولا يستساغ" ما يزال سقوط البند السابع من المادة 73 في مسودة التعديل الدستوري في نسخته العربية الموزع على الأحزاب والشخصيات، تلقي بظلالها على الساحة السياسية، خاصة بعد اكتشاف الإبقاء على هذا البند في النسخة الفرنسية التي تحصلت عليها الشخصيات المدعوة للرئاسة، وهو ما اعتبره "فقهاء" الدستور والمراقبين السياسيين ب«غير المقبول ولا يستساغ". وقال الأستاذ في كلية الإعلام والعلوم السياسية بجامعة الجزائر، عبد العالي رزاڤي، إنه "لا يمكن لمؤسسة بحجم رئاسة الجمهورية أن تخطئ"، وبرر ذلك أمس في اتصال ب"البلاد"، بالقول إن لمؤسسة في مستوى رئاسة الجمهورية مترجمين محترفين، في إشارة واضحة إلى أن النص الأصلي كان باللغة الفرنسية. كما أدرج رزاڤي إبقاء البند السابع من المادة 73 في مسودة الدستور بالنسخة الفرنسية وسقوطه في النسخة العربية ضمن جس النبض ل«قياس رد فعل الطبقة السياسية والأسرة الثورية"، مضيفا في السياق ذاته، أن الأمر يندرج حسبه في الصراع القديم بين "المفرنسين والمعربين"، وهو ما جعل الأستاذ رزاڤي يعلق قائلا "هذا استخفاف بالعقل الجزائري وبالجامعيين". إلى ذلك، شدد الدستوري عامر رخيلة على أنه من "غير المقبول ولا المستساغ ولا يمكن قبول الفكرة"و خاصة وأنها صادرة من أعلى مؤسسة وهي رئاسة الجمهورية، ويضيف رخيلة أن إعداد النصوص يحتاج إلى مراجعة دقيقة فما بالك بمسودة أعلى قانون وهو الدستور الجزائري، مؤكدا أن التحجج بأنه سقط سهوا "مردود عليه"، وأضاف رخيلة أن النسخة الأصلية كانت بالفرنسية. أما النسخة بالعربية فهي أصلية ولكن من الجانب النظري باعتبار اللغة الرسمية هي العربية، ما يعني حسبه وجود تناقض. كما طرح المتحدث سؤالا مفاده "هل سيعتد بما هو موجود في النسخة الفرنسية أو بما هو موجود في النسخة العربية؟". ولم يستبعد المختص في القانون الدستوري عامر رخيلة أن يكون المشرفين على مشروع تعديل الدستور "أرادوا استفزاز الأسرة الثورية" لجرها إلى المشاركة القوية في النقاش على الوثيقة، مشددا على أنه "إغفال استفزازي". من جهة أخرى، وجه عبد العالي رزاڤي، انتقادات كثيرة لمسودة الدستور، معتبرا أن هدف هذه الوثيقة هو "تفكيك الحراك السياسي" الذي ظهر مؤخرا بسبب الانتخابات الرئاسية، معتبرا التعديلات التي حدثت ب«غير الجوهرية" ستذهب بها السلطة إلى الاستفتاء للحصول على الشعبية وثقة المواطنين. كما وصف مقترح تأدية هيئة المجلس الدستوري اليمين أمام رئيس الجمهورية وهو ممثل الهيئة التنفيذية ب«التعديل والمقترح الخطير"، وأن إدراج مصطلح المناصفة "من بقايا الحزب الواحد"، وهو ما اعتبر دليل على أن لجنة الخبراء التي أعدت المسودة "ليست كفأة"، ناهيك عن أنه دليل آخر حسب رزاقي على "غياب نية حسنة للحوار"، مؤكدا أنه بمثابة "عودة قوية للصراع بين الوطنيين وغيرهم". وفي سؤال عن من يتحمل المسؤولية، قال عامر رخيلة إن "الجهة التي صدرت عنها الوثيقة هي التي تتحمل المسؤولية". ووصف القيادي بجبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، هذا التناقض بين النسخة العربية والفرنسية لمسودة الدستور ب«الفضيحة" و«الاستهتار بمشاعر الجزائريين"، متسائلا عن الأسباب الحقيقية لهذا التناقض "الكبير" بين الوثيقتين، وهل سببه الصراع الإيديولوجي القديم بين المعربين والمفرنسين. الذي بدأ يظهر من جديد على مستوى أعلى مؤسسة في الدولة؟، أم هو جس لنبض الشارع الجزائري تمهيدا لتمرير هذا التعديل الذي وصفه ب«الخطير". كما تساءل عن محل إعراب المصالح المختلفة في الرئاسة المكلفة بالتدقيق في المراسلات والوثائق التي تصدر عن رئاسة الجمهورية.