يحل غدا رئيس الدبلوماسية الفرنسية "لوران فابيوس" بالجزائر في زيارة عمل تدوم يومين، يحمل خلالها هواجس باريس الأمنية في منطقة الساحل وشمال مالي وليبيا وتونس، مثلما سينقل معه ملفات التعاون الاقتصادي وتفعيل الاتفاقيات بين البلدين في هذا المجال. فيما تغيب قضايا الذاكرة التي طالما شكلت نقطة طلاق بين الجزائروباريس، وهو ما يعني أن "الكيدورسي" يبحث عن عملية "سيرفال" مشتركة مع الجزائر لإنقاذ الوضع في المنطقة من الانهيار. لوران فابيوس السياسي والدبلوماسي المخضرم القادم من عصر ميتران، يتولى بدهائه السياسي وخبرته الدبلوماسية تسيير أكبر ملفات العلاقات الفرنسية مع دول شمال إفريقيا عموما والجزائر خصوصا، إذ سيبحث في بلادنا وعلى مدار يومين أهم الملفات المشتركة، إذ أن باريس المنشغلة بالوضع في شمال مالي وليبيا لا تريد التضحية بهذه الأوليات من أجل قضايا ليست في ترتيبات رزنامة نشاطها الدبلوماسي ومصالحها الإستراتيجية المهددة في المنطقة بفعل الحراك الأمني الدائر في دول الجوار. كما تحاول استثمار التجربة الجزائرية في التعاطي الأمني مع المخاطر الخارجية لفرملة زحف الحركات المتطرفة على الاستقرار في ليبيا ومنطقة الساحل عموما، لكن باريس لا تراهن على الحلول الأمنية فقط وإنما على تفعيل النشاط الدبلوماسي والمصالحة المالية المالية، وحتى بين الفصائل الليبية من غير الجماعات الشديدة التطرف. وعشية زيارة وزير الخارجية الفرنسي لبلادنا، تسربت أخبار بشأن زيارة قادت وفد من حركة الأزواد المالية للجزائر، وهذا ما يعني في حد ذاته وجود حوار بين الفرقاء والشركاء المتحاربين في مالي، ما يشجع على إقامة جسر سياسي بين أطراف النزاع في مالي وفرنسا بواسطة الجزائر. وليست الملفات الأمنية وحدها التي تحكم زيارة فابيوس للجزائر، والتي قد تتبعها زيارات لوفود فرنسية أمنية، بل إن العلاقات الثنائية الاقتصادية بين البلدين من أهم ما ينتظر مباحثات رجل الكيدورسي الأول مع المسؤولين في الحكومة وفي رئاسة الجمهورية، ومن الواضح جدا أن مجالات الطاقة الصناعة والاستثمار من أبرز خطوط أو محاور المباحثات، وما مع يعكس الحضور القوي لوفد هام من رجال الأعمال الفرنسيين الذين سيرافقون فابيوس خلال زيارته للجزائر غدا، فضلا عن تطوير التعاون في مجالات الطاقة والنفط، ومخاوف باريس التي يراد لها أن تتبدد في الجزائر من محاولات بريطانية أمريكية لفتح قنوات تعاون جديدة قد تملأ الفراغ الفرنسي في المنطقة الذي فرضته أوضاع الساحل ومالي وليبيا وقضايا شرق أوسطية في مقدمتها الوضع في سوريا. كما تشير بعض المصادر الإعلامية في باريس إلى ضبط التعاون القضائي على عقارب ساعة قضية رهبان تبحيرين سيكون حاضرا في زيارة وزير الخارجية الفرنسي، فضلا عن ضبط مواعيد جديدة للتعاون بين البلدين بعد فوز بوتفليقة بعهدة رئاسية رابعة، وهو الفوز الذي باركته باريس على ضوء التحسن الواضح في العلاقات بين البلدين منذ خلافة هولاند لساركوزي، والتطبيع الذي عرفته تلك العلاقات بعد سنوات من التوتر السياسي على خلفية الملفت التاريخية.