ينطلق اليوم المخيم السنوي لأكاديمية ''جيل الترجيح''، أحد أجنحة حمس الشبابية إلى جانب منظمة ''شمس'' المعلن عن تأسيسهما في نفس الفترة من صيف العام الماضي، واختارت قيادة الأكاديمية على غرار حركة مجتمع السلم ولاية تلمسان لاحتضان مخيمها الصيفي الذي حمل شعار ''النهضة والريادة'' كعنوان بارز لمختلف أشغال المخيم الذي سيدوم أربعة أيام تتخلله أنشطة مختلفة ومسابقات لتحديد الأوائل في مجالات ثقافية وتربوية عدة. كما سيشارك فيه حوالي 700 شاب يخطون أولى خطواتهم في مسار إعداد الأطر والقيادات المكونة التي ستشكل أحد خزانات حمس في إعداد الأجيال المستقبلية التي ستتحمل مسؤولية النهوض بالحركة التي تبقى محسوبة على الأحزاب السياسية الشابة مقارنة بأحزاب أخرى شاخت تارة من حيث التركيبة البشرية وخلود المسؤولين المحليين في الحزب بمناصب القيادة على غرار بعض الأحزاب الوطنية وتلك التي تنعت نفسها بالديمقراطية، مفوتة على نفسها فرص تجديد الدماء والتخلص من الفاسد منها والمستهلك بعدما تجمدت فيها الدماء السياسية على مدار عقود، الأمر الذي أدى إلى انتشار ظاهرة الانقلابات والإطاحة بالرؤوس من خلال ما يعرف بالحركات التصحيحية والتقويمية التي أضحت الموضة المفضلة لتحريك المياه الراكدة داخل التشكيلات الحزبية في الجزائر، هذا فضلا عما سببته ظاهرة النزيف النضالي ثم العزوف السياسي فضلا عن فقدان آخر قلاع المشروعية والمصداقية السياسية لهذه الأطياف في الأوساط الشعبية. ولعل المشاركة الهزيلة في آخر الاستحقاقات الانتخابية كانت بمثابة رسالة رفض وإدانة وسخط من شريحة الشباب الواسعة تجاه حالة التجاهل والتهميش التي تعانيها داخل الأطر الحزبية تارة بادعاء قلة اهتمام هذه الشريحة بأمور الشأن العام وتارة بمسميات قلة الخبرة وقصور النظر وهي المسميات التي تعكس بالأساس حالة صراع الأجيال داخل تلك التنظيمات بدل تدافعها الإيجابي. ومع أن صائفة العام الماضي، شهدت تداركا من قبل هذه الأحزاب لقضية إشراك الشباب بإعلان تأسيس أطر نضالية لهم داخل الهيكلية الحزبية كما جرى الحال مع الأرندي والأفلان وحزب العمال والإصلاح والأرسيدي، إلا أن الأمر يعد برأي كثيرين بمثابة إجراء شكلي أخذ في أحيان كثيرة طابع ركوب موجة التشبيب التي طالما ركز عليها رئيس الجمهورية في خطاباته المتكررة خصوصا في حملته الانتخابية الأخيرة، أو حتى طابع ''التقليد'' باعتبار أن فترات إعلان تأسيس هذه التنظيمات كانت في مراحل متتالية لم تفصل بينها سوى فترات زمنية قصيرة تعد بالأيام، خصوصا وأن حمس كانت الجهة السياسية الأولى التي راهنت على هذا الملف واستبقت الجميع بتأسيس ''شمس'' وبعدها ''جيل الترجيح''، وهو ما يفسر ربما اللغط الإعلامي الكثيف الذي صاحب عقد المؤتمر التأسيسي لمنظمة ''شمس'' بخلاف ما تلاه من تنظيمات أخرى لم تنل نفس الحظ من التغطية الإعلامية، وإن كان البعض قد ربط ذلك الاهتمام الواضح بالأوضاع الداخلية التي كانت تعيشها حمس عقب الانشقاق الذي حصل ببروز طرف جديد تحت مسمى ''الدعوة والتغيير''، ومهما يكن من أمر تبقى خطوة حمس في إنشاء منظمتي جيل الترجيح وشمس في حاجة إلى تثمين وترشيد خاصة فيما يتعلق بتكوين الساسة لأن المشهد السياسي الجزائري لايزال تحكمه ظاهرة كثرة الساسة وقلة السياسة. وبالعودة إلى الشأن الداخلي للأحزاب فإن ظاهرة إدارة الظهر لسياسة الانفتاح داخل هذه الأحزاب فوت عليها فرصا كبيرة للإقلاع وفرصا أخرى للاستقطاب وفرصا كبيرة حتى للحفاظ على رصيدها البشري وأمورا أخرى لاتزال تحتاج إلى دراسة ونقاش ومتابعات قبل أن تتحول إلى محاكمات .