يسود غضب عارم وسط فعاليات المجتمع المدني بمدينة الشلف، موازاة مع ارتفاع الجدل حول نوعية عمليات التهيئة الحضرية التي تعرفها شوارع وأحياء عاصمة الولاية من خلال تبني مشاريع بعشرات الملايير دون المستوى المطلوب لصيانة وسط المدينة. وأثارت نوعية التهيئة التي تعرفها المنطقة، حالة من اللغط لدى المتتبعين وخبراء في الاختصاص وجمعيات محلية لم ترقها مشاريع التهيئة التي استفادت منها الشلف، التي أنجزت دون مراعاة خصوصية المنطقة ناهيك عن عمليات هدر المال العام التي تتم بشكل واضح من خلال تخريب مئات صفائح البلاط التي وضعت حديثا واستبدالها بالزفت. وتشير المصادر إلى أن هذه الأشغال الموصوفة بالغريبة من نوعها والمبهمة في آن واحد، باتت تنذر بتجدد المظاهرات السلمية، على خلفية ما بدر من السلطات الولائية من "برمجة غامضة" لمشاريع لا تناسب وخصوصية المنطقة واعتبروها مشينة ومهينة في حق سكان المدينة. وقال أحد المواطنين ل"البلاد"، إن السلطات عمدت إلى التصرف في غلاف قوامه 60 مليار سنتيم بطريقة يكتنفها اللبس من خلال اعتمادها مشاريع تهيئة فاقدة لأية جمالية خصوصا استبدال مادة البلاط بالزفت وهو ما يتعارض جملة وتفصيلا وطبيعة المنطقة التي كان حريا على السلطات أن تخصها بنوعية جيدة من مادة البلاط باعتبار أن المدينة تعتبر من بين الولايات الداخلية التي تشهد مناخا حارا في فصلي الربيع والصيف، مضيفا أن مخاوف المهتمين بالمدينة تتلخص في التبعات الخطيرة لمادة الزفت التي لا تقاوم درجة الحرارة في فصل الصيف، ما سيحول شوارع وأحياء المدينة إلى "حمم براكين "، وتساءل مهندس دولة في الهندسة المدنية عن سر اعتماد هذه المادة وإصرار الوالي على محو مشاريع التبليط بأشغال التزفيت واختيار مقاولات للقيام بذلك، في وقت لم يمر كثيرا عن مشاريع تبليط كامل شوارع المدينة بميزانية "فلكية" فاقت 20 مليار سنتيم، مضيفا أن عديد الفاعلين في المجتمع المدني يتحركون حثيثا لمساءلة الوالي بخصوص نوعية هذه الأشغال التي لا تتلاءم والجودة المطلوبة، قائلا إن مادة الزفت التي تكلف خزينة الدولة باهظا لا تصلح لشوارع مدينة الشلف بل تصلح تقنيا في المناطق الباردة، مشيرا في نفس الوقت إلى أن تساؤلات قوية تدور في الوسط المحلي حول طريقة اعتماد المشاريع والجهة التي خولت تمريرها بهذه الطريقة التي أساءت كثيرا لتاريخ المدينة التي تم تجريدها من "البلاط" وحل محلها "القودرون"، طالما أن الحرارة تعتبر العدو رقم 1 لمادة الزفت التي لا تصلح البتة للمدينة، لأن هذه الأخيرة بحاجة ماسة إلى مادة بلاط من النوع الرفيع لإعادة الاعتبار إلى المدينة التي كانت مضرب المثل في الجمال العمراني. وأجمع كثيرون في المدنية بأن مشاريع تلبيس الأرصفة والساحات العمومية بمادة الزفت يعتبر أمرا خطيرا جدا، لأنها ببساطة تصلح للمدن الباردة كما هو الحال في المدن الفرنسية، مؤكدين أن كل الدراسات التقنية تتعارض مع نهج السلطات التي استطاعت تمرير هذه المشاريع دون إشراك المجتمع المدني أو استشارة ممثلي الشعب في المدينة. وتطرق أحد المهندسين بإسهاب إلى التدهور الخطير لأشغال التهيئة في عاصمة الولاية، واصفا إياها بالكارثية لأنها ببساطة لم تحترم المعايير التقنية ولا حتى طبيعة المنطقة، مناشدا السلطات المركزية بالتحرك وإيفاد لجنة تحقيق لمعاينة الضرر الذي تسببت فيه السلطات ومقاولات تم تكليفها بأشغال التهيئة. وحسب المعطيات، فإن الحراك الشعبي يتجه نحو تنظيم وقفة احتجاج مطالبة وزير الداخلية بالتحقيق في طبيعة الصفقة، وخلص الملاحظون إلى القول إن السلطات تتحمل مسؤولية جسيمة لعدم مطابقتها لمعايير الجودة في مخطط إعادة تهيئة مدينة الشلف التي بدأت شوارعها تفقد تدريجيا طابعها الجمالي.