لم تعد شاحنات مصانع "العودة" الغذائية تتحرك كالمعتاد في شارع صلاح الدين، الواصل بين جنوب قطاع غزة وشماله، لتوزع منتجاتها على مئات المحال والمراكز التجارية المنتشرة في القطاع، فقد استهدفت الصواريخ والقذائف المدفعية الإسرائيلية المصنع القائم على مساحة 7000 متر والذي يعمل فيه ما يزيد عن أربعمئة عامل وعاملة، وسط قطاع غزة، ما أدى الى توقف آلات التصنيع عن العمل، بفعل الدمار الذي أحدثه العدوان، والذي أحال أيضاً أجزاء من المصنع إلى ركام. وكما هذا المصنع، دمر قصف الاحتلال أكثر من 50 مصنعاً في غزة، تاركاً قطاع الصناعة في نكبة حقيقية. واختلطت النيران التي اشتعلت ببيوت المواطنين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، بالنيران التي أحرقت مقر ومخازن شركة "الإسي" للمفروشات والأثاث، وجعلت أجزاء منه أثراً بعد عين، في الوقت الذي دمرت فيه الطائرات الحربية مكاتب الشركة الخاصة بالمقاولات وسط مدينة غزة. وخلفت الغارات الإسرائيلية تدمير مصانع عدة في المنطقة الصناعية ببيت حانون والورش الصناعية المنتشرة في شرق مدينة غزة، مما أدى الى اشتعال الحرائق بداخلها والتوقف التام عن العمل فيها، بجانب ملاحقة الخطر للمخابز العاملة في القطاع في ظل شح كميات الوقود الواصلة لها. وقال رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، علي الحايك، إن "الاحتلال الاسرائيلي تعمد تدمير البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني، عبر استهدافه عدداً كبيراً من المصانع الحيوية في القطاع"، مضيفا أن الاحتلال دمر قرابة 50 مصنعاً حيوياً غالبيتها تنتج المواد الغذائية خلال العدوان الإسرائيلي الحالي على القطاع، مبيناً أن المؤشرات الأولية تقدر خسائر القطاع الاقتصادي بعشرات الملايين من الدولارات. وارتفعت معدلات البطالة ونسب الفقر في قطاع غزة، نتيجة للحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ ثماني سنوات، ومنع عمليات التصدير من وإلى القطاع، بجانب عدم إدخال مواد البناء والإعمار، رغم تدمير آلاف المنازل والمنشآت خلال السنوات السابقة. ويقول المختص في الشؤون الاقتصادية، حامد جاد، إن "مقومات الاقتصاد الفلسطيني تعرضت للاستهداف منذ اليوم الأول للعدوان كالمصانع وخطوط الانتاج وسيارات النقل، بجانب توقف كافة القطاعات الصناعية في غزة".