اعتبر المحلل السياسي، محند أرزقي فراد، أن تعدد مبادرات التوافق أو الإجماع الوطني التي تطرح حاليا في الساحة السياسية، ظاهرة إيجابية من الناحية الديمقراطية، غير أنه تأسف لعودة ظهور الصراع الايديولوجي في هذه المبادرات ونرجسية بعض الأحزاب ورغبتها في قيادة القاطرة. وتأسف الأكاديمي والمحلل السياسي، أرزقي فراد، لظهور الصراع الايديولوجي من جديد في الساحة السياسية، من خلال المبادرات التي تتناول موضوع الوفاق والإجماع الوطني، بالإضافة لما أسماه "النرجسية"، خاصة لدى جبهة القوى الاشتراكية، التي تريد حسبه قيادة القاطرة. وعاد المتحدث إلى مبادرة تنسيقية الحريات من أجل الانتقال الديمقراطي، التي وصفها ب«الممتازة" لعدة اعتبارات أهمها "تجاوزها للأيديولوجيات"، غير أنه أشار إلى أن تعدد مثل هذه المبادرات "يعيد الساحة السياسية لنقطة الصفر"، وهو ما اعتبره "تراجعا"، وأضاف أن هذا الظرف يفرض على الطبقة السياسية والأحزاب والشخصيات الوطنية أن توحد موقفها وتنسى بعض الشيء انتماءاتها السياسية. وذكر فراد أن الأمر المهم في المرحلة الحالية هو "الذهاب نحو جمهورية ثانية"، مشيرا إلى أنه لم يحن بعد وقت المنافسة السياسية بين الأحزاب، داعيا الطبقة السياسية بمختلف أطيافها إلى توحيد جهودها لتحقيق دستور جديد "يأخذ بعين الاعتبار السيادة الشعبية"، مؤكدا أنه يجب تغليب المصلحة الديمقراطية على المصالح الحزبية. كما اعتبر فراد محند أرزقي، أن كثرة مبادرات التوافق أو الإجماع الوطني يشتت المعارضة ويخدم السلطة. وفي هذا السياق أوضح المتحدث في اتصال ب«البلاد"، أن هناك عاملين يخدمان السلطة في الوقت الراهن أولهما تداعيات "العشرية السوداء"، حيث إن الحديث عن التغيير يعيد لأذهان المواطن تلك الصور ما يجعل الرعب يسكن قلبه، ثانيا سياسة شراء السلم الاجتماعي من خلال الريع البترولي. وبخصوص إمكانية نجاح الطبقة السياسية في التوصل إلى أرضية عمل مشتركة، قال فراد إنه يصعب تحديد والتنبؤ بحدوث التغيير، غير أنه علق قائلا "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل". وبخصوص صعوبة تحقيق التوافق داخل الطبقة السياسية فأرجعها إلى "غياب الثقافة السياسية"، مشيرا إلى أنه يتعين بناء المجتمع قبل بناء الطبقة السياسية، محملا مسؤولية ذلك للمدرسة والجامعة والنخبة المثقفة، بالإضافة لغياب المجتمع المدني الذي تحول حسبه إلى لجان مساندة.