المالكي "المعزول" يتلقى عرضا باللجوء إلى طهران حظي الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة العراقية، حيدر العبادي، بإجماع سياسي داخلي نادر من نوعه، على ضرورة دعم حكومته وفتح صفحة جديدة للعملية السياسية، وإصلاح الأخطاء التي ارتكبها سلفه نوري المالكي. ولم يتوق هذا الإجماع عند الداخل العراقي، بل امتد إلى المجتمع الدولي ووصل إلى طهران نفسها، التي أعلنت دعمها لرئيس الحكومة المكلّف حيدر العبادي. وهكذا ظلّ المالكي وحيداً، ولم يبق له سوى انتظار مصيره الموعود، والذي توقّعت مصادر أنّه سيكون في إيران. وقال القيادي في تحالف "متحدّون" خالد الدليمي إنّ "إزاحة نوري المالكي، بعد أكثر من ثماني سنوات نقطة تحوّل كبيرة ومهمة في العراق، وخطوة أولى للتغير وإصلاح أوضاع البلاد، التي طالما عبث بها المالكي وسخرها لنفسه كديكتاتور دموي"، مضيفا "نحن كتحالف نعلن أننا سنتعاون مع العبادي وندعمه في حكومته الجديدة للتغيير والإصلاح، وفتح حوار شامل مع الفصائل العشائرية والوطنية المسلّحة، التي انتفضت سابقاً بوجه المالكي، من أجل تلبية مطالبها الدستورية واعتماد مبدأ المواطنة والغاء التقسيمات الطائفية التي خلقها المالكي وجعل فيها العراقيين مواطنين درجة أولى وثانية". وبدوره، رحب "التحالف الكردستاني"، باختيار العبادي، واعتبره خطوة عظيمة في طريق إنقاذ البلاد من التمزّق. وقال القيادي في "التحالف الكردستاني"، إبراهيم حاجي إنّ "العبادي يواجه تركه ثقيلة خلّفها المالكي وراءه، أسوأها الفتنة الطائفية وتنظيم "داعش"، ولا تنتهي بالفساد المالي وتفكك المؤسسة العسكرية". وأوضح حاجي أنّ "الكرد سيدعمون العبادي ويقفون معه في خطواته الإصلاحية، ونأمل أن ينجح في كسر كل القيود حوله، وأن يحسن علاقاته مع الجيران ودول المنطقة". غير أنّه أكّد أنّ حقبة المالكي "لن تنتهي قبل دفعه أمام القضاء ليواجه مسؤولية ما ارتكبه من انتهاكات وجرائم طوال السنوات الماضية". وفي الأثناء، كشف مصدر مطلع داخل المنطقة الخضراء ببغداد، رفض الكشف عن هويته، أن" المالكي تلقى عرضاً إيرانياً للإقامة مع أسرته في البلاد". وقال المصدر إن "المالكي تلقى عقب خطابه المتلفز اتصالات من مسؤولين إيرانيين يبلغونه بضرورة عدم التصعيد وتسليم السلطة لخلفه المكلّف لمنع انعكاس التطورات السياسية على الملف الأمني، وعرضوا عليه الإقامة مع أسرته في طهران". وأكّد المصدر نفسه أنّ "المالكي الذي يمرّ بحالة نفسيه سيئة للغاية لم يرد بالسلب أو الإيجاب على العرض، لكنّه بالتأكيد لن يبقى في العراق مع وجود آلاف الشكاوى بانتظاره من مواطنين، وكتل سياسية، كانت تتحين لحظة سقوطه الأخير لمقاضاته". وفي موقف يصب في إطار ما كشفه المصدر، أعلنت إيران دعمها لتعيين حيدر العبادي رئيس وزراء جديداً في العراق. ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، قوله إن "الجمهورية الاسلامية الإيرانية تدعم العملية القانونية التي جرت لتعيين رئيس الوزراء العراقي الجديد". من ناحية أخرى، رحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتكليف الدكتور حيدر العبادي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مشدداً على دعم بلاده للحكومة الجديدة، وعلى ضرورة أن تكسب هذه الحكومة ثقة كافة أطياف الشعب العراقي. كما دعا إلى انتقال سلمي للسلطة في العراق. وأوضحت مصادر دبلوماسية موثوقة أن مجلس الأمن سيصدر بياناً صحفياً يقره بالإجماع ويؤيد فيه تشكيل حكومة عراقية جديدة تحت قيادة الدكتور حيدر العبادي ويرحب بقرار رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتكليف رئيس الوزراء الجديد. كما سيناشد مجلس الأمن القيادة العراقية الجديدة بتشكيل الحكومة الجديدة وبأسرع وقت ممكن، ويؤكد أن هذه الحكومة وبسبب التحديات الجمة التي تواجهها ستحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لها.