كشفت دراسة حديثة أجراها مركز أبحاث الأسواق الأمريكي حول تجارة التبغ في الجزائر وخاصة السجائر أنها في ازدهار مستمر، ولن تقف أمامها فرض ضرائب جديدة، بل سيتواصل إقبال الجزائريين عليها طيلة السنوات المقبلة وسيصل استهلاكها إلى مستويات قياسية. وقدرت الدراسة أن الجزائريين سيستهلكون ما يزيد عن 34،3 مليار سيجارة سنة 2022، أي بزيادة قدرها 31،8 بالمائة عن نسبة الاستهلاك حاليا، وسيكون نصيب الفرد الواحد حوالي 775 سيجارة في السنة، أي بمعدل يقارب السيجارتين لكل منهم. ووصلت الدراسة إلى أن عادات الجزائريين في التدخين لم تؤثر عليها الظروف السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد طيلة تاريخها، بل عرفت زيادة مطردة مع مرور السنوات، وهذا يشمل أيضا سنوات التسعينات التي عاشت فيها الجزائر ظروفا أمنية صعبة بسبب موجة الإرهاب التي ضربتها، فالبرغم من أن جوانب اقتصادية كبيرة ظهرت عليها ملامح الركود، إلا أن قطاع التبغ حافظ على استقراره بل وحقق تطورا ملحوظا. لكن تجارة السجائر عرفت نقلة نوعية في الفترة الممتدة من 2005 إلى غاية 2013، حيث زادت نسبة الاستهلاك بما يفوق 55 بالمائة، وهو ما يشير حسب الدراسة إلى فشل السلطات في الحد من التدخين، رغم ما فرضته من إجراءات ومنها فرض المزيد من الضرائب على هذا القطاع والرفع المباشر للأسعار. ويبدو أن هذه الخطوات كانت لها نتائج على مستوى السجائر المقلدة، التي اعتبر التقرير أن نسبتها في الأسواق الجزائرية هي ما بين 15 و20 بالمائة من مجمل الكميات المستهلكة، وإن عرفت انخفاضا بعد سنة 2011. وهذه الأرقام المفزعة للمدى الكبير الذي وصلت إليه ظاهرة التدخين في الجزائر، والارتفاع الكبير الذي عرفه عبر السنوات الماضية وما يستشرف من تطور كبير للاستهلاك في المستقبل القريب، تظهر المزيد من التحديات أمام الجهات المختصة بالتوعية حول مخاطر هذا السلوك، وما يسببه من وفيات سنوية تقدر بالآلاف نتيجة تداعيات مختلفة لتعاطي السجائر، وما يقابلهم من أعداد أكبر من المرضى الذين يستنزف علاجهم ورعايتهم مبالغ كبيرة من ميزانيات المؤسسات الصحية والضمان الاجتماعي.