تعاني الكثير من المساجد في الجزائر نقصا فادحا في الأئمة والخطباء والمؤطرين، ممن يملكون الكفاءة والتأهيل لإعطاء المسجد دوره الإشعاعي وسط المجتمع·وبحسب الكثير من الأئمة والخطباء المتطوعين، فإن تقييد مديريات الشؤون الدينية لمنح ''رخص التدريس'' يقف بالدرجة الأولى أمام اختزال الكثير من المساجد في مكان لأداء الصلوات الخمس وفقط· وإذا كان شهر رمضان قد صنع الاستثناءات سنوات ماضية ببرجمة دروس في المساجد مسائية بعد صلاة العصر وليلية ما بين أذان وصلاة العشاء، غالبا ما تكون حول فقه الصيام والسيرة النبوية، فإن كثيرا من مساجدنا تخلت في رمضان هذه السنة عن هذه السنّة الحميدة التي تعد أفضل سبيل لاغتنام فرصة الجموع الغفيرة التي تقبل على بيوت الله خلال شهر الصيام في تأليف القلوب المقبلة على الله وإيصال مختلف الرسائل وغرس القيم الأخلاقية والعادات الاجتماعية الأصيلة، فأصبح المصلون يؤدون عبادات جافة وخالية من الرقائق والروحانيات المذكرة والداعية إلى قيم التضامن والتكافل· ويرجع هذا الجفاء الخطير الذي تعرفه كثير من مساجدنا في رمضان إلى شرط الرخصة الذي تفرضه الوزارة على المتطوعين من الأئمة والدعاة الذين ظلوا يسدون هذا الفراغ في كثير من المساجد، خاصة مع النقص الكبير في كوادر الوزارة ممن يمكنهم أداء المهمة، حيث أكد من التقتهم ''البلاد'' من هؤلاء وفضلوا عدم كشف أسمائهم، أن الحصول على رخصة التدريس في المساجد أصبح يخضع في كثير من الحالات لمعايير لا شأن لها بالتخصص في الشريعة أو الاعتبارات الأمنية التي غالبا ما تكون مبررا لرفض منح الرخصة، وإنما تكون تبعا لدرجة الولاء السياسي وتبادل المصالح بين المدراء الولائيين لقطاع الشؤون الدينية، كون الوزارة تترك لهم الفصل في أهلية المتطوعين، وهو الأمر الذي أكده أحد الأساتذة من ولاية المدية الذي رفضت مديرية الشئون الدينية الترخيص له بحجة ''ميول سياسية''، متسائلا أنا لم أكن مناضلا وإنما متعاطفا فهل يحرم على الدعاة التعاطف مع أحزاب معينة، بينما يناضل وزيرالقطاع في حزب سياسي معروف· من جهته، يرى الشيخ محمد مكركب أنه يتعين على الوزارة عدم احتكار مجال التدريس في المساجد، وهي مطالبة شرعا بفتح المجال لكل متخصص من أساتذة جامعيين وأطباء طوال العام وليس في موسم رمضان فقط، مضيفا أن ذلك يجب أن يتم في ظروف منظمة لكي لا يعتلي المنبر من هب ودب