يتابع المواطن في الجزائر هذه الأيام نوعا جديدا من النضال السياسي في ثقافة الموالاة والمعارضة بطريقة ساخرة للغاية، أسست لتقليد جديد يعتمد على "التنابز بالألقاب "، و تجاوزت العدوى حدود الأحزاب لتنتقل إلى بعض الوزراء في الهجوم على خصومهم، لدرجة أن الساحة السياسية أصبحت مصدرا لسخرية الرأي العام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي. كل الطرق تؤدي إلى روما، بينما كل الألقاب الساخرة تؤدي غرضها في الهجوم على الخصوم، والظاهرة التي نتحدث عنها لم تعد مقتصرة على أحزاب أو معسكر دون سواهم، حيث البطيخ السياسي على رأي المثل العربي الشعبي "يكسّر بعضه البعض"، أول طلقة في حرب المعارضة والموالاة تلك التي تبادلها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني مع زعيمة حزب العمال لويزة حنون، ولا داعي للبحث عمن أطلق الرصاص الأول، لأن العملية ستكون أشبه بالسؤال التاريخي الشهير "من الأول الدجاجة أم البيضة"، سعداني الذي هاجمته حنون بحدة غير مسبوقة ودعت رئيس الجمهورية إلى التدخل لفرملته، وضع بيض المعارضة في سلة واحدة قبل أن يدوسه، فقد عاد نهاية الأسبوع للهجوم أم التهجم على عدة قادة أحزاب معارضة، في مقدمتها عبد الله جاب الله و زعيم حمس عبد الرزاق مقري وكلاهما لا يحتاجان إلى المصطلحات وأدوات النقد الساخر للرد على صاحب الأفلان الذي لا يتردد في إطلاق النار على خصومه دون تردد. ويرى بعض المراقبين أن هذا المشهد هو حراك يهيئ لأمر ما يصنع من خلاله قادة أحزاب المعارضة والموالاة معركة كسر العظام تارة وعض الأصابع تارة أخرى، والقاسم المشترك بينهما هو خط الرئاسة الذي ظل الخوض في مستقبلها أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير بين الموالاة والمعارضة . الأحزاب المعارضة ترى أن أحزاب الموالاة وفي مقدمتها الأفلان وحزب عمارة بن ينس تحاول جرها لنقاش عقيم، وفي كل مرة ترد المعارضة على الموالاة أو على السلطة عموما، يخرج زعيم الأفلان مرفوقا بالوزير عمارة بن يونس وزميله عمار غول بدرجة أقل عن واجب التحفظ للخوض فيما كان يجب تفاديه. وفي الجهة المقابلة، يتابع الرأي العام تطورات هذا النقاش بكثير من التعاليق الساخرة تارة وبمرارة سياسية تعكس خيبة الأمل التي أصاب الشارع في الجزائر من أحزاب سواء موالية أو معارضة فشلت فشلا ذريعا في إدماج المواطن ضمن مسار النشاط السياسي الذي يراه الجزائري مجرد نشاط انتهازي يسعى لنيل المناصب والمكاسب، فقد خرج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ذات منتصف عهدته الأولى عن صمته عندما هاجم أحزاب التحالف الرئاسي متهما إياها بالسعي للمكاسب والمناصب بدلا من مصلحة البلاد والعباد، وصدم تصريح بوتفليقة وموقفه الحاد من الأحزاب التي كانت تدعمه وقتها، ولم يتراجع عن ذلك بدليل أن البرلمان وهو الهيئة التي تترجم تواجد الأحزاب لم ينزل إليه إلا في حالة واحدة، تعلقت باستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. أخيرا لا يمكن التكهن بنهاية قريبة لهذا الجدل و التنابز الجديد بالألقاب بين الأحزاب والحزيبيات، لكنه قد يعبر عن ضحالة الفكر السياسي للطبقة السياسية عندنا، وانحصار آفاقها في رؤية محدودة الأفق وضيقة وهي في النهاية تعكس طبيعة الأحزاب في الجزائر.