جمعية الكونفدراليات الإفريقية للرياضات الأولمبية، هيئة في خدمة النخبة الرياضية الإفريقية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    الجزائر العاصمة: حجز 41 مليار سنتيم ومبالغ بالعملات الأجنبية    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة: تنظيم معارض و توزيع تجهيزات بولايات شرق البلاد    ضرورة العناية وتطوير المهارات الصوتية لتكوين مقرئين ومؤذنين ببصمة جزائرية    بداية تداول أسهم بنك التنمية المحلية في بورصة الجزائر    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48524 شهيدا و111955 جريحا    جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات الاحتلال الصهيوني الإنسانية تجاه الفلسطينيين    كرة حديدية :انطلاق دورة العاصمة الرمضانية سهرة يوم الخميس    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد: فرقة "شمس الأصيل" من بوسعادة تمتع الجمهور    السيد حساني شريف يبرز أهمية تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات والحملات الحاقدة ضد الجزائر    مجلس الأمن الدولي: جلسة إحاطة بشأن الوضع في السودان    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    كأس الجزائر: شباب بلوزداد يفوز على اتحاد الشاوية (4-2) ويواجه مولودية بجاية في ربع النهائي    جيجل: مصنع سحق البذور الزيتية بالطاهير سيكون جاهزا قبل مايو المقبل    وهران: مسرحية "خيط أحمر" تستحضر معاناة المرأة الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    جسر للتضامن ودعم العائلات المعوزة في ر مضان    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    دراسة مشاريع قوانين وعروض تخص عدة قطاعات    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    التين المجفف يقوي المناعة في شهر رمضان    فرنسا تحاول التستّر على جرائمها بالجزائر!    هكذا يتم إصدار الهوية الرقمية وهذه مجالات استخدامها    مصانع المياه تعبد الطريق لتوطين المشاريع الكبرى    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    الاتحاد الإفريقي يدين إعلان حكومة موازية في السودان    فتح 53 مطعم رحمة في الأسبوع الأول من رمضان    المواعيد الطبية في رمضان مؤجَّلة    مساع لاسترجاع العقارات والأملاك العمومية    " بيغاسوس" بأداة قمع ضد الصحراويين    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    أيراد تطرق باب البورصة    التشويق والكوميديا في سياق درامي مثير    للتراث المحلي دور في تحقيق التنمية المستدامة    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    إدانة الحصار الصهيوني على وصول المساعدات إلى غزّة    محرز يعد أنصار الأهلي بالتتويج بدوري أبطال آسيا    تنافس ألماني وإيطالي على خدمات إبراهيم مازة    حراسة المرمى صداع في رأس بيتكوفيتش    وفد برلماني يشارك في المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات    مشاركة فرق نسوية لأوّل مرة    دعم علاقات التعاون مع كوت ديفوار في مجال الصحة    استعراض إجراءات رقمنة المكاتب العمومية للتوثيق    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    الجامعة تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بخلق الثروة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"زلابية بوفاريك" تستمد شهرتها من سجن سركاجي
نشر في البلاد أون لاين يوم 23 - 06 - 2015

ما إن يحل شهر رمضان المبارك حتى تتزين الموائد الجزائرية بحلوى الزلابية التي أصبحت شهرتها تتعدى أسوار الوطن. انتشار الزلابية دفعنا إلى التساؤل عن تاريخها الذي أكسبها كل هذه الشهرة وكانت الوجهة إلى مدينة بوفاريك التي ارتبط اسمها بهذه الحلوى، سألنا سكان المدينة عن أقدم الصانعين للحلوى فقادونا إلى إحدى العائلات التي يرجع الفضل في شهرتها لها منذ عهد الاستعمار، وبالضبط كانت وجهتنا منزل عائلة "أكسيل" التي تحكي جدران بيتها وبهوها الضيق حكاية زلابية بوفاريك التي ذاع صيتها في كل أرجاء الوطن وخارجه، وهناك التقينا الحاجة زهرة صاحبة 78 سنة، التقيناها جالسة في كرسي تتابع صناعة أبنائها وأحفادها للزلابية، طلبنا منها أن تحدثنا متى بدأت في صناعة الزلابية، فردت أنها منذ زواجها بعبد الله "أكسيل" وأسهبت المتحدثة في الكلام كسبت الزلابية شهرتها الطاغية من زنزانات سجن سركاجي بالعاصمة، حيث كان ثوار الجزائر المعتقلون من قبل الاستعمار الفرنسي يلحون على عائلاتهم بجلبها لهم بعدما اكتشفوها لأول مرة في قفة معتقل ينتمي للعائلة، ومن سجن سركاجي بالعاصمة كسبت زلابية شهرتها الأولى وجابت زلابية بوفاريك تقول الحاجة خلال الثورة جبال الجزائر، حيث كانت من بين الإكراميات التي يحظى بها المجاهدون، وكان عبد الله أكسيل زوج الحاجة زهرة يأخذها للمجاهدين في الجبال.
أما عن الزلابية التي أصبحت تصنع في كل مكان "فاعتبرتها خطرا يهدد هذه الزلابية الزوال، بسبب "القرصنة" التي تتعرض لها على أيدي أشخاص لا يحسنون صنعها من. فبالنسبة للحاجة الزهرة فإن ما يباع الآن في الجزائر تحت اسم "زلابية بوفاريك" ليست سوى تقليد للحلوى الأصلية. التي تصنع في بيته العائلي منذ قرابة قرن، حيث تقوم النسوة في المنزل بتحضير العجينة فيما يتكفل الرجال بطهيها في البهو على نار هادئة.
وتعود الحاجة بذاكرتها إلى ما كان يرويه لها زوجها عبد الله الذي وافته المنية، حيث تقول إن جدته كانت تصنع هذه الحلوى في "دار الناقوس" في بدايات القرن العشرين ثم يقوم أبوه ببيعها في "زنقة العرب" (شارع شرشالي بوعلام حالياً)، وكانت الزلابية وقتها تطهى على الحطب، ولم تكن "زلابية بوفاريك" تصنع سوى مرة واحدة في السنة بمناسبة قدوم شهر رمضان، ولهذا كان سكان المدينة والمناطق المجاورة لها ينتظرونها بلهفة ويقبلون عليها بشغف.
أما الإقبال الكبير عليها فيقف وراءه سر يتوارثونه، وحسب محمد أكسيل أحد أفراد العائلة فإن سرها يتوارثونه أبا عن جد وبعد وفاة الوالد أعطى السر لزوجته "الحاجة الزهرة" وبدوها أعطته هي لابنتها الكبرى، مما يعني أنه حتى باقي أفراد العائلة يكتفون بالطهي والتعسيل دون معرفة السر الذي يبقى في العجينة وذلك خوفا من "سرقة" السر وضياعه بين العائلات والتجار الذين يمتهنون صناعة الزلابية.
زيارتنا التي قادتنا إلى منزل عائلة أكسيل بمدينة بوفاريك بالبليدة التي تنحدر أصولها من مدينة بجاية لاحظنا خلالها أن البيت مثل خلية النحل أكثر من 10 أبناء وبينهم الأحفاد يتشاركون في صناعة الزلابية، كل وعمله، اثنان منهم يقومون بطهيها وآخر يقلبها ويخرجها إذا استوت وآخران يقومان بوضعها في العسل ومن ثم وزنها ليتم توزيعها في ما بعد على الزبائن الذين كانوا يتواجدون بكثرة أمام منزل العائلة. وبدورنا سألناهم عن سبب قدومهم وانتظارهم لأكثر من ساعة وحتى منهم من يأتون من ولايات مجاورة وحسب أحد الزبائن القادم من ولايات المدية فإنه لأول مرة يأتي لشراء الزلابية من عند عائلة أكسيل بعدما تذوقها من عند أحد أصدقائه في المدية، كما كان المكان لا يخلو من زبائن قدموا من العاصمة وتيبازة والشلف.
ولم تكتف عائلة أكسيل بنشر الزلابية في الجزائر فحسب فقد فتحوا محلاًت لبيع زلابية بوفاريك في عدة من المدن الفرنسية، لتكسب شهرة مضاعفة.
من عائلة أكسيل أصبح يقترن اسم الزلابية بمدينة بوفاريك التي ما إن يحل شهر رمضان حتى تتزين كل طرقها بمحلات بيع الزلابية، يأتيها الزبائن من كل الولايات، حيث تشهد المدينة حيوية وتدفقا هائلا على بيع الزلابية، لفتتنا أرقام ألواح السيارات المختلفة، التي جمعت بين ولايات الشرق، الغرب والوسط، وإضافة إلى نكهة الزلابية التي أغرت زوار بوفاريك، كانت اللباقة واللطف الذي يحظى به الزبون حسب شهادة كل من التقينا بهم سبب آخر شدّهم، ورغم الشهرة التي تكتسبها مدينة بوفاريك في بيع الزلابية، استوقفنا كمال، الذي قدم من الرغاية، واعتبر أن زلابية بوفاريك تعتبر أمرا مقدسا له في رمضان، حيث يأتي بواسطة القطار، متحمّلا حرّ الصيف ومشقّة الصيام لاقتناء الزلابية الذي تعود أبناؤه على تناولها في سهرات رمضان مع العائلة، أما سليمة من البليدة، قالت إنّه لا بديل عنها في أيام رمضان، وبالنسبة لها رغم وجودها في البليدة إلا أنه لزلابية بوفاريك نكهتها الخاصة.
كما اقتربنا من أحد البائعين للزلابية الذي يقارب 75 سنة فقال إنه تعلمها منذ شبابه من والده وهو يعلمها الآن لولده وابن أخيه اللذين وجدناهما يساعدانه في المحل، مما يؤكد أن صناعة الزلابية أصبحت مهنة تتوارثها الأجيال أبا عن جد لتبقى الميزة الأكبر لمدينة بوفاريك.
بزناسية الزلابية يتلاعبون بالأسعار لتصل إلى 300 دج
عرفت أسعار زلابية بوفاريك خلال رمضان هذه السنة ارتفاعا محسوسا في المدن الجزائرية الأخرى وهذا بسبب مزايدة التجار الذين يقتنونها من المدينة، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى 250 دج فيما حافظت على سعرها في المدينة 150 دج ولكن ذلك لم يمنع عشاقها من اقتنائها وإبقائها على موائدهم، فمن المواطنين من استطاع أن يشتري كيلوغراما ومنهم من اكتفى برطل منها غايته في ذلك تذوقها، ولم يمنع ارتفاع سعرها المواطنين من مختلف الشرائح من شرائها فالكل جزم على حضور هذه الحلوى على مائدته ولو بكميات قليلة، لتبقى زلابية بوفاريك هي الحاضرة والصامدة في كل شهر رمضان.
وتوفر منطقة بوفاريك عبر محلاتها إلى جانب الزلابية "الشربات"، إذ يقال زلابية بوفاريك ويقال أيضا شربات بوفاريك كعصير مشهور بين الجزائريين في رمضان، حيث يصطف أصحاب المحلات أكياسا من الشربات بمحاذاة الزلابية على اعتبار أنهما المادتان المطلوبتان بكثرة في رمضان. وحسب شهادة أغلب البائعين، فإن رمضان يجلب لمنطقة بوفاريك زوارا وضيوفا من مختلف ولايات الوطن الذين يختصرون عشرات الكيلومترات لأجل جلب زلابية وشربات بوفاريك، ويبذل أصحاب المحلات قصارى جهدهم لأجل تلبية متطلبات الزبائن وإرضائهم وهي تلك غايتهم المرجوة لتحقيق فرحة وبهجة زوار المنطقة ومحبيها في الأيام الرمضانية لعيش تلك الأجواء المميزة التي قد تغيب بنواح أخرى.
وبالرغم من تنوع الحلويات الشرقية خلال الشهر الفضيل إلا أن الزلابية وخصوصا زلابية بوفاريك تبقى معشوقة الصائمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.