معلّمون ومثقفون يتفنّنون في القتل يتّجه المجتمع الجزائري نحو ظواهر وأحداث، لم تكن في سنن الذين من قبلنا الا في حالات شاذة ونادرة قلّما تسمع عنها، ولا يختلف اثنان على أنّ مجتمعنا يسير نحو التفسّخ الأخلاقي مع حالة تردّي في القيم كان في أغلبها السبب المباشر في تزايد نسبة الجريمة، هذه الأخيرة التي تعدّد أوصافها وحالاتها وحتى مرتكبيها، ولا يقتصر امر مرتكبيها على ذوي الامراض العقلية، فالمعلم والشرطي والدركي ونخبة المجتمع، اصبحت تتفنن في القتل بحجج واهية اغلبها بمسببات عاطفية غرامية وأخرى متعلّق بذهنيات قديمة أثّرت على العلاقات العائلية. معلّم الأجيال يعلّم القتل بالإيجار قم للمعلّم وفّه التبجيلا +++ كاد المعلم أن يكون رسولا. كثيرا ما يتردّد هذا البيت من الشعر على لسان كل صغير وكبير، كيف لا والمعلم كاد أن يكون رسولا في إيصال رسالة اجتماعية ذات قيم وأبعاد انسانية، يكون لها الأثر البالغ في حياة الافراد، خصوصا عند الاطفال جيل المستقبل، غير أنّ حادثة وقعت في دائرة سيدي موسى بولاية بومرداس كان بطلها معلّمة مدرسة ابتدائية، انسلخت من عباءة المعلّم لتبلس وشاح الإجرام وباحترافية، حين قامت بتأجير قريب لها، قتل زوجها شريك حياتها لأنّه طلّقها وتزوّج بأخرى، وببرودة اعصاب قام الشاب العشريني القاتل المأجور وذو سوابق عدلية، بتسديد طعنات كانت كافية لوضع حد لحياة الكهل المسكين، وسرق منه مبلغ 200 مليون سنتيم، لتنتهي بذلك عشرة زوجية دامت 25 سنة، من أجل طلاق وحرمان من ميراث. سيناريوهات القتل الهوليوودية في بيوت الجزائريين الشائع في العائلات الجزائرية وككل العائلات على وجه المعمورة، نشوب خلافات قد تكون سببا في تمتين العلاقة الأسرية وقد تكون سببا في نسفها، غير أنّ العائلة الجزائرية خصوصا في سنوات خلت، لم تشهد حالة من التفكّك كالتي نراها اليوم، فحالات الطلاق بلغت رقما قياسيا دقّ من خلاله علماء الاجتماع ناقوس الخطر، مع العلم أن بعض الاختلافات بين الزوجين تنتهي بشجارات قد تضرّ الزوجة جسديا أكثر من الرجل، غير ان الامر لم يكن ليصل الى درجة استعمال العنف المفرط المصاحب بتعذيب هستيري كالذي حدث في حق زوجة في ولاية البليدة، حيث قام زوجها الشاب بتعذيبها على طريقة أفلام "Saw" المرعبة، باغت الزوج زوجته وهي نائمة وأوصل خيطا كهربائيا بجسد زوجته وراح يفرغ فيه شحنات كهربائية ممزوجة بتيار غضب لم يحمل ولو ذرّة رحمة وشفقة، كل هذا وهو يتلذّ بمشهد تقشعر له الأبدان، والزوجة تغيب عن الوعي وتستيقظ بفعل الشحنات التي أردتها في الأخير قتيلة محرقة الجسد مخلّفة وراءها رضيعة، كل هذا بسبب مشاكل اجتماعية كانت كفيلة بنسف عقل الزوج الذي ارتكب جريمة سيحاسب عليها في الدنيا والآخرة، وبنت ستقول له يوما ما "بأي ذنب قتلت أمي". عندما يتبنّى الابن ثالث كبيرة وفي أيام العتق من النّار جاء عقوق الوالدين في المرتبة الثالثة من مجموع الكبائر بعد الشرك بالله والسحر، وما نراه اليوم صراحة تعدّى مرحلة العقوق بأشواط كثيرة، فكان من يعصي والدية ينظر إليه نظرة العاصي العاق، غير أن الامور تطوّرت فصار العاصي يضع والدي في مراكز الشيخوخة متجرّدا من كل ما يحمله قول واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة، من معنى، ليفرز لنا المجتمع بعد ذلك جيلا من الشباب لم يعد يقرّ الوالدين، وكيف لا وجرائم المحارم صارت موضة تطبع حياة المواطن. وليس ببعيد، في شهر رمضان المبارك الفارط حيث كانت الشياطين مصفّدة وظهرت حقيقة النفس البشرية بكل ما تحمله في طياتها من حقد وشراسة، أطلّ علينا شاب من حي باب الزوار بوقع جريمة لم يكن ينتظرها احد على الأقل في شهر الرحمة وأيام العتق من النار، هذا الشاب اجتثّ روح والده المسنّ العاجز وكأنّه كفيل بها، وذلك بطعنات خنجر جعلته غارقا في دمائه وهو الذي كان يغرق في دموعه عند كل حالة مرض كانت تصيب ابنه، وعند توقيف الجاني وسؤاله عن سبب قتله أبيه، قال بكل بساطة إن والده اصبح يتعرّض له بالسب والشتم وإنّه اجبر زوجة ابنه على المكوث بالبيب بدل العمل خارجا، الأمر الذي اعتبره الابن تدخّلا في الخصوصيات، ونتج عن ذلك قتل الابن لأبيه ورميه من السلالم جثّة هامدة. مصطلح "غلبو رمضان" يخلّف ضحية وجانيا وأرملة وأيتاما هل يعقل أن يكون شهر الرحمة والغفران، سببا في ارتكاب جريمة شنعاء هزّت قلب الحي العتيق باب الوادي، ومباشرة بعد أن رفع آذان المغرب، عادة الناس أن يفطروا على تمر ولبن أو ماء، لكن بطل هذه الجريمة أفطر على دم جاره الذي قال عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام إنّ جبريل مازال يوصيه بالجار حتّى ظنّ أنّه سيورّثه. الضحيّة خلّف وراءه أطفالا يتّموا على حين غفلة ومن دون سابق إنذار، حيث اقدم شاب في العشرين من العمر على وضع حد لحياة الضحية بطعنات خنجير وعلى مرأى أولاده وزوجته، بسبب مناوشات كلامية قبيل الأفطار. وجه الضحية للجاني صفعات أتت به أرضا، الأمر الذي لم يتحمّله الجاني الذي استشاط غضبا واصبح شعلة نارية من الحقد كانت كفيلة بتوجيهه نحو بيت الضحية الذي كان ملتفا بأفراد عائلته، فانقض عليه بوابل من الطعنات المتفرقة على مختلف أنحاء الجسد كانت كفيلة بزعزعته وفقدانه التوازن رغم المقاومة، كل هذا يحدث والأطفال الأبرياء يرون سيناريو قتل لم يشاهدوه حتى في أفلام الرعب، لتنتهي القصّة بضحية ومسجون وأرملة وأيتام. شرطي يرتكب جريمة ثنائية والثالث ينجو بأعجوبة كثرت في الآونة الأخيرة تجاوزات بعض رجال الأمن وعلى غير العادة، فحالات الانتحار والقتل العمدي وغير العمدي من قبلهم أصبحت تكرّر بكثرة، وهي صورة مخيفة نوعا ولو كانت حالات شاذّة، أن ترى مجرما يقوم بعمل اجرامي قد يتقبّله العقل، أما ان تصدر الجريمة من قبل شخص هو رمز للأمن والاستقرار والطمأنينة، فهذا لا يقبله عقل البتّة. والأمثلة عن تجاوزات رجال الأسلاك الأمنية كثيرة، منها الحادثة التي كانت في ولاية غليزان، حيث أقدم شرطي يشتغل بفرقة البحث والتحرّي بأمن ذات الولاية، على إطلاق النار على زميل له وهو مفتّش شرطة، ومنظّفة تعمل داخل نادي الشرطة، قبل أن يلوذ بالفرار لتنفيذ جريمة ثالثة في حق شرطي آخر. الجاني قتل مفتش الشرطة في مخدعه، وتابع فعله في حق منظّفة بنزل الشرطة، وكان سيرتكب جريمة ثالثة في حق شرطي آخر لولا تدخل أعوان الأمن ومحاصرتهم القاتل في المطبخ الرئيسي للمستشفى، مع العلم أن الشرطي كان في حالة هستيرية. غير أن الأسباب الكامنة وراء هذا الفعل الإجرامي، بقيت غامضة الى حين الكشف عنها في التحقيق. بالسلاح نفسه قتل الجاني والضحية في قصّة أخرى ضبطت عقارب التاريخ عقربها على وقع جريمة اخرى في سلك الأمن بطلها عون دفاع ذاتي، ببلدية المفاتحة بولاية المدية، حيث قام الجاني البالغ من العمر 61 سنة، على وضع حد لشريكة حياته البالغة من العمر 53 سنة، إثر مناوشات كلامية وصلت الى شجار عنيف لم يتمالك نفسه ويطلق رصاصة على زوجته فأرداها قتيلة. مشهد لم يتحمله الزوج فقرر وضع حد لحياته ببندقيته التي قضت على زوجته، لتشاء الأقدار ان يموت الزوجان بالسلاح نفسه مخلّفين وراءهم ستة أطفال أيتام. وتركت هذه الحادثة أثرا بالغا في نفوس المواطنين في المنطقة. الأب يعدّد الزوجات والأطفال يدفعون الثمن يبدو أن حالات الطلاق والزواج الفاشل وتعدّد الزوجات وخصوصا العلاقات الغرامية في السر، أصبح لها الأثر البالغ في تفكيك العلاقات الزوجية والزج بالأطفال في متاهات قاتلة بدفعهم ثمنا لأمر لم يكن لهم فيه ناقة ولا جمل، فجريمة منطقة تليملي بالعاصمة هي خير دليل على ذلك، وذلك حين أقدمت خطيبة رجل متزوج على قتل ابنتيه وزوجته بطريقة جدّ بشعة، وذلك ذبحا بالسلاح الأبيض. حيث أقدمت الجانية واثناء تواجد الرجل بالقاع المقدسة، لاستغلال الوضع والتوجّه نحوبيت زوجها الذي كانت تتواجد فيه الضحية وبنتيها وكانت تهددهم أن خطيبها سيرمي بهم خارج البيت بعد العودة من الحج، وفي احد الأيام توجّهت المتّهمة الى منزل الضحية وأجهزت على الأم وابنتيها في مشهد مرعب وببرودة أعصاب لم يرى لها مثيل، الأمر الذي هزّ سكان منطقة تليملي.