منذ رحيل الرئيس الأسبق هواري بومدين، والأسئلة مازالت عالقة حول قضايا وملفات عاصرها أو صنعها هذا الرجل الصارم الذي نجح في بناء دولة خرجت لتوها من عقود الاستعمار الظالم. أسئلة كثيرة في ذكرى وفاة الرئيس هواري بومدين في مقدمتها علاقته بسلسلة الاغتيالات التي حصدت الكثير من رموز الثورة وقادتها، ويؤكد محي الدين عميمور في شهادته ل«قناة البلاد" حول بومدين واغتيال العقيد شعباني قائد الولاية السادسة أن وزير دفاع بن بلة وقتها لم يجد أي مخرج بعد رفض بن بلة إصدار عفو على العقيد شعباني، وأن بومدين كانت له عقدة اسمها " قضية الدم"، وأن إعدام شعباني شكل عقدة لبومدين بعد ذلك وقد بقيت في ذهن بومدين، وفي معرض تلك الشهادات الخاصة بدور بومدين أو موقفه من اغتيال شعباني تجمع كافة الشهادات على أن المسؤولية الأساسية كانت بيد رئيس الدولة وليس وزير الدفاع، وإن كانت السلطة ككل تتحمل مسؤولية إعدام العقيد شعباني، وإذا كانت قضية شعباني لاتزال ضحية التعتيم والغموض، فإن مسألة الانقلاب على حكم الرئيس أحمد بن بلة في 19 جوان 1965 خطط لها بومدين بكل أريحية وثقة في النجاح الذي أودى برئيس الجمهورية وقتها إلى قضاء سنوات طويلة في السجون وتحت الإقامة الجبرية. وفي ظل حكم بومدين فر آيت أحمد وهو الزعيم التاريخي للثورة التحريرية من سجن الحراش، وربما أريد له أن يغادر الوطن بعدما وصلت الدماء إلى مستوى لم يعد مسموحا بالمزيد منها في بلد كان لايزال يتخطى نحو الاستقرار، لكن مسلسل الاغتيالات لم يتوقف، فقد عرفت الثورة أو رموزها رحيل قائد آخر ويتعلق الأمر باغتيال محمد خيضر في عام 1967 في العاصمة الاسبانية مدريد، وقد روج الإعلام الرسمي وقتها وهو الوحيد الذي كان قائما في ذلك الوقت لعدة سيناريوهات كان الغرض منها تشويه المعارضين من أمثال خيضر الذي أفرغ مجهولون الرصاص في جسده دون اعتبار لتاريخيه ونضاله من أجل الاستقلال. وفي تاريخ بومدين الحافل بالأسرار والغموض وفي عز الثورة كان أن حدثت عدة اغتيالات لازالت تثار بشأنها الكثير من التساؤلات، أبرزها اغتيال كريم بلقاسم في 18 أكتوبر 1970 في فندق بمدينة فرانكفورت الألمانية، أمام المتهم فكان بومدين وهو ما أكده زير الخارجية والإعلام الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، في إحدى شهاداته حول تاريخ هواري بومدين عندما قال إن بومدين يتحمل مسؤولية اغتيال خيضر وكريم بلقاسم، رغم ذلك فإنه لم يكن فاسدا بل كان مخلصا لوطنه وللدولة ككل. مسألة الاغتيالات والتصفيات يرى بشأنها البعض أنها إحدى ضرورات الحكم التي تفرضها السلطة وتوازناتها عندنا يتعلق الأمر بضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار بصرف النظر عن هوية القاتل والمقتول، لكنها تبقى جرائم بحاجة إلى الدراسة والكشف الجرئ عنها، وهي جزء من الأسئلة التي تبقى معلقة في غياب شهادات واضحة وحاسمة حول تلك الفترة وغيرها من التاريخ الحديث للجزائر.