لم يشفع الطابع الاستراتيجي والاستعجالي الخاص بمشروع ''ترامواي الجزائر، والذي تعول عليه السلطات بشكل كبير لفك الخناق عن حركة السير، في تسريع وتيرة إنجازه وإدخاله حيز التنفيذ ميدانيا· حسب الوعود التي أطلقتها وزارة النقل منذ سنة ,2008 حيث لا تزال رزنامة أشغاله تعرف مزيدا من التأخير وتمديد في آجال التسليم دون الاستناد على مبررات مقنعة· وضرب وزير النقل، عمار تو، موعدا آخر لتسليم الجزء الأول من ترامواي العاصمة، الرابط بين برج الكيفان وباب الزوار، حدده بمطلع شهر أفريل القادم، وذلك خلال إطلاقه عملية التجريب التقني أول أمس، لهذا الجزء رفقة وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، موسى بن حمادي، ليعلق مرة أخرى، آمال الملايين من الجزائريين الذين وقعوا ضحية لسيناريو تضارب المواعيد الخاطئة، من جهة، ويحول دون بلوغ أهداف استراتيجية الحكومة لتعزيز شبكة النقل والقضاء على البؤر السوداء نهائيا· هذا ويأتي هذا التصريح بعد مرور أزيد من سنة على أول موعد ضبطه المسؤول الأول في القطاع لتشغيل الترامواي صيف ,2009 والذي انقضت مدته دون أن يحقق العاصميون حلم ركوبه ولو بمواصفات كلاسيكية، باعتبار أن هذا المشروع يصنف ضمن خانة ''المشاريع القديمة الجديدة''· وذلك في حالة مقارنته بدول تحوز على نفس إمكانيات ومؤهلات الجزائر، تمكنت من إنهاء مشاريع أثقل وزنا وأكبر حجما من هذا الأخير، وهو الأمر الذي يفتح أبواب الغموض أمام القراءات المرتبطة بماهية الأسباب والعوامل التي عطّلت ذات المشروع بالجزائر، رغم أنه لا يتجاوز 25 كلم، ونال قسطا وافرا من اهتمامات الدولة لإنجازه، وتحديدا على مستوى الدعم المالي الذي بلغ نحو 60 مليار دينار، على أساس أنه يدخل في إطار إحياء ''ترامواي الجزائر'' الذي يعد أقدم ترامواي في إفريقيا، تم توقيف أشغاله دون أن يتم إيجاد بدائل موضوعية عقب الاستقلال للتصدي لأزمة النقل· هذا المشروع، الذي وصف من طرف بعض الخبراء ب ''رئة العاصمة، يواجه الكثير من العوائق والعراقيل، بدءا من سوء تقدير المدة المحددة للإنجاز، آخرها كانت نهاية العام الجاري، مرورا بملفات نزع الملكية وعمليات التعويض، وصولا إلى الفضائح المالية، ممثلة في تبديد وهدر المال العام، والتي عصفت ب ''ترامواي الجزائر'' قبل أن يرى النور، حيث من المرجح أن تكون هذه الأخيرة السبب الرئيسي الذي حال دون تسليم المشروع في آجاله المحددة· وحول تحديد التسعيرة النهائية للترامواي، أنشأت الدولة صندوقا خاصا لدعم وسائل النقل العمومية، منها ''الترامواي''، الذي يجري العمل حاليا لوضع تسعيرة مناسبة مقابل استعماله، مع احتمال واسع أن تدعم السلطات العمومية جزءا من القيمة المالية المحددة·